في إطار متابعة الأحداث المتسارعة في اليمن، أعلنت وزارة الدفاع في دولة الإمارات العربية المتحدة عن إنهاء كامل لمهام القوات الإماراتية العاملة في مكافحة الإرهاب في الجمهورية اليمنية. يأتي هذا القرار بعد تقييم شامل للوضع الراهن والتطورات الأخيرة، ويؤكد التزام الإمارات الراسخ بدعم أمن واستقرار المنطقة، مع الحفاظ على سلامة قواتها. هذا الإعلان يمثل تطوراً هاماً في مساهمة الإمارات في التحالف العربي في اليمن، ويستدعي فهم السياق والأسباب الكامنة وراءه.
تاريخ مشاركة الإمارات في التحالف العربي في اليمن
شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة بفعالية ضمن التحالف العربي في اليمن منذ انطلاقه في عام 2015، وذلك انطلاقاً من التزامها بدعم الشرعية اليمنية، ومساندة الشعب اليمني الشقيق في مواجهة التحديات التي تواجهه. لم تقتصر مشاركة الإمارات على الدعم العسكري المباشر، بل امتدت لتشمل المساعدات الإنسانية والتنموية الهادفة إلى تخفيف المعاناة وتحسين الظروف المعيشية لليمنيين.
أهداف التدخل الإماراتي
كانت الأهداف الرئيسية من مشاركة الإمارات في اليمن واضحة ومحددة، وتشمل:
- استعادة الشرعية الدستورية ممثلة في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
- مواجهة التوسع الإيراني ودعم الجماعات المسلحة التي تهدد الأمن الإقليمي.
- مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP) وتنظيم داعش، التي استغلت الفوضى الأمنية لتعزيز نفوذها.
- تحقيق الاستقرار والسلام الدائمين في اليمن، بما يضمن حقوق جميع اليمنيين.
وقد قدمت الإمارات، جنباً إلى جنب مع بقية دول التحالف، تضحيات كبيرة في سبيل تحقيق هذه الأهداف، سواء على الصعيد العسكري أو الإنساني.
إنهاء المهام العسكرية والتركيز على مكافحة الإرهاب
في عام 2019، أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية عن إنهاء وجودها العسكري المباشر في اليمن، بعد استكمال المهام المحددة ضمن الأطر الرسمية المتفق عليها مع الحكومة اليمنية وبقية دول التحالف. ومع ذلك، استمرت الإمارات في دعم اليمن من خلال فرق متخصصة في مجال مكافحة الإرهاب، تعمل بالتنسيق الوثيق مع الشركاء الدوليين المعنيين.
هذا التواجد المحدود كان يهدف إلى الحفاظ على القدرة على التصدي للتهديدات الإرهابية المستمرة، وضمان عدم استغلال الفراغ الأمني من قبل التنظيمات المتطرفة. ولكن، مع تطور الأوضاع، وتقييم المخاطر، اتخذت الإمارات قراراً استراتيجياً بإنهاء هذه المهام أيضاً.
أسباب إنهاء مهام مكافحة الإرهاب في اليمن
أوضحت وزارة الدفاع أن قرار إنهاء مهام فرق مكافحة الإرهاب في اليمن جاء نتيجة لعدة عوامل، أبرزها:
- التطورات الأخيرة في اليمن، وما قد يترتب عليها من تداعيات على سلامة وفاعلية العمليات.
- الحرص على سلامة عناصر القوات المسلحة الإماراتية، وضمان عدم تعرضهم لأي مخاطر غير ضرورية.
- التقييم الشامل لمتطلبات المرحلة، وتحديد أولويات دولة الإمارات في دعم أمن واستقرار المنطقة.
- التنسيق المستمر مع الشركاء المعنيين، بما يضمن استمرار الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في اليمن.
هذا القرار يعكس رؤية الإمارات الاستراتيجية، التي تركز على تحقيق الاستقرار الإقليمي من خلال اتباع نهج شامل ومتوازن، يجمع بين الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري، مع إعطاء الأولوية لسلامة قواتها وحماية مصالحها.
التزام الإمارات المستمر بدعم اليمن
على الرغم من إنهاء مهام القوات الإماراتية في مكافحة الإرهاب، إلا أن دولة الإمارات العربية المتحدة تؤكد التزامها المستمر بدعم اليمن وشعبه. سيستمر هذا الدعم في مجالات المساعدات الإنسانية والتنموية، بالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في اليمن.
المساعدات الإنسانية الإماراتية لليمن
تعتبر الإمارات من أكبر الدول المانحة لليمن، حيث قدمت على مدار السنوات الماضية مبالغ ضخمة من المساعدات الإنسانية والإغاثية، لتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب اليمني، مثل الغذاء والدواء والمأوى. وتشمل هذه المساعدات أيضاً دعم القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.
مستقبل التحالف العربي في اليمن
يمثل قرار الإمارات خطوة مهمة في إعادة تقييم دور التحالف العربي في اليمن، وتحديد آليات جديدة للتعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء. من المتوقع أن يشجع هذا القرار بقية دول التحالف على مراجعة استراتيجياتها، والتركيز على الحلول السياسية الشاملة التي تعالج الأسباب الجذرية للأزمة اليمنية. إن تحقيق السلام والاستقرار في اليمن يتطلب جهوداً مشتركة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة اليمنية، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والحوثيين، بالإضافة إلى المجتمع الدولي.
في الختام، يمثل إنهاء مهام القوات الإماراتية في مكافحة الإرهاب في اليمن قراراً استراتيجياً مدروساً، يعكس التزام الإمارات الراسخ بدعم أمن واستقرار المنطقة، مع الحفاظ على سلامة قواتها. وتدعو الإمارات المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، يضمن حقوق جميع اليمنيين، ويحقق السلام والاستقرار الدائمين في هذا البلد الشقيق.


