في إطار رؤيته الطموحة لتعزيز التماسك الأسري والمجتمعي، أطلق مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إصدارًا علميًا جديدًا بعنوان “الاعتبارات والمبادئ الإفتائية في القضايا الأسرية”. يأتي هذا الإصدار في توقيت بالغ الأهمية، تزامنًا مع الاستعدادات لـ “عام الأسرة” 2026، وتأكيدًا على دور الفتوى الأسرية في مواجهة التحديات المعاصرة. يمثل هذا العمل العلمي خطوة رائدة نحو تطوير العمل الإفتائي المؤسسي في الدولة، وتقديم رؤية متوازنة تجمع بين الثوابت الشرعية ومتطلبات الواقع.
أهمية الإصدار في سياق التنمية المجتمعية
يعكس إصدار “الاعتبارات والمبادئ الإفتائية في القضايا الأسرية” التزام دولة الإمارات الراسخ بالأسرة باعتبارها حجر الزاوية في بناء مجتمع قوي ومتماسك. فالأسرة ليست مجرد وحدة اجتماعية، بل هي المؤسسة الأساسية التي تنقل القيم والأخلاق، وتربي الأجيال القادمة. هذا الإصدار يدعم بشكل مباشر الجهود الوطنية الرامية إلى ترسيخ مكانة الأسرة، ويساهم في تحقيق أهداف “عام المجتمع 2025” الذي يركز على تعزيز التلاحم الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، يتماشى هذا العمل مع توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، بجعل عام 2026 عامًا للأسرة، مما يؤكد على الأولوية القصوى التي توليها القيادة الرشيدة لقضايا الأسرة. هذا التوجه الاستراتيجي يهدف إلى تعزيز الاستقرار الأسري، وتحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين على حد سواء.
إطار مرجعي شامل للجهات الإفتائية
يهدف الإصدار الجديد إلى توفير إطار مرجعي شامل للجهات والمؤسسات الإفتائية، والباحثين، والمختصين في مجال القضايا الأسرية. هذا الإطار يستند إلى مجموعة من المبادئ العامة التي تأخذ في الاعتبار الأبعاد الشرعية، والوطنية، والواقعية، والقانونية، والقيمية، والمقاصدية، والتربوية. من خلال هذا النهج المتكامل، يسعى المجلس إلى توجيه الفتوى الأسرية نحو تحقيق الاستقرار الأسري، وحماية الهوية الوطنية، ودعم السلم المجتمعي.
المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الإصدار
- الثوابت الشرعية: الالتزام بالكتاب والسنة في جميع الأحكام والفتوى.
- الواقعية: فهم التحديات المعاصرة التي تواجه الأسر، والتعامل معها بمرونة وحكمة.
- الوطنية: مراعاة المصلحة الوطنية العليا في جميع الفتاوى والتوجيهات.
- المقاصدية: تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في حماية الأسرة وتعزيز قيمها.
- التربوية: توجيه الأسر نحو تربية الأبناء على القيم الإسلامية والأخلاق الحميدة.
دور الفتوى المؤسسية في مواجهة التحديات المعاصرة
يبرز هذا الإصدار الدور المحوري الذي تلعبه الفتوى المؤسسية في مواكبة التحولات الاجتماعية والعلمية والتقنية. فالفتوى المؤسسية ليست مجرد إصدار أحكام فقهية، بل هي عملية متكاملة تتطلب البحث والدراسة والتأمل، والتفاعل الإيجابي مع المستجدات. كما يؤكد الإصدار على أهمية التكامل بين العمل الإفتائي والسياسات الوطنية ذات الصلة بشؤون الأسرة والتنمية المجتمعية.
هذا التكامل يضمن أن تكون الفتاوى متوافقة مع الأهداف الاستراتيجية للدولة، وأن تساهم في تحقيق التنمية المستدامة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد على تعزيز الثقة بين المواطنين والمؤسسات الإفتائية، ويضمن أن تكون الفتاوى مقبولة ومطبقة على نطاق واسع. إن تطوير العمل الإفتائي بهذه الطريقة يعزز مكانة الإمارات كمركز للإفتاء المعتدل والمنهجي.
رؤية المجلس في الارتقاء بالفتوى الأسرية
أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن هذا الإصدار يجسد رؤيته في الارتقاء بالفتوى الأسرية لتكون أداة فاعلة في الوقاية من التفكك الأسري، ودعم استقرار الأسرة، وتعزيز قيم الانتماء والاعتدال والتراحم. هذه القيم هي أساس الإرث الحضاري لدولة الإمارات، وهي ضرورية لبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة.
مواكبة المتغيرات المستقبلية
يستشرف الإصدار متطلبات المستقبل في ظل المتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم. فالأسرة تواجه تحديات جديدة في العصر الرقمي، مثل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، والتغيرات في الأدوار الأسرية، وظهور أشكال جديدة من العلاقات. يتطلب التعامل مع هذه التحديات رؤية استباقية، وقدرة على التكيف، وتقديم حلول مبتكرة.
إضافة نوعية للمنظومة العلمية
يُعد هذا الإصدار إضافة نوعية إلى منظومة الإصدارات العلمية للمجلس، ومرجعًا داعمًا لمسيرة تطوير الخطاب الإفتائي الأسري على المستويين الوطني والعالمي. من المتوقع أن يستفيد من هذا الإصدار العديد من الجهات والمؤسسات الإفتائية، والباحثين، والمختصين في مجال القضايا الأسرية، مما يساهم في تعزيز العمل الإفتائي المؤسسي، وتحقيق أهداف التنمية المجتمعية. إن هذا العمل يعزز من مكانة الإمارات كمنارة للعلوم الشرعية، وكمصدر للفتوى المعتدلة والمنهجية. كما يساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك، قائم على القيم الإسلامية والأخلاق الحميدة، ويحقق الاستقرار والرخاء لجميع أفراده. لذا، فإن هذا الإصدار يعتبر خطوة هامة نحو تحقيق رؤية الإمارات في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة، من خلال تعزيز دور الأسرة كركيزة أساسية في المجتمع.


