تعزيز الالتزام بالقانون الدولي الإنساني: دور الإمارات في مبادرة عالمية
تعتبر حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان في أوقات النزاع المسلح من أهم الركائز الأساسية للأمن والاستقرار الدوليين. وفي هذا السياق، تولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً بالغاً بتعزيز القانون الدولي الإنساني والالتزام به، إيماناً منها بأهميته في الحد من المعاناة الإنسانية وإرساء أسس السلام الدائم. تجسد هذا الاهتمام في مشاركتها الفاعلة في مبادرة عالمية تهدف إلى تعزيز هذا القانون على نطاق واسع.
الإمارات تقود جهوداً دولية في جنيف
شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب كل من أستراليا والنمسا وكينيا، في رئاسة الجولة الثانية من المشاورات الخاصة بفريق العمل المعني بالوقاية من انتهاكات القانون الدولي الإنساني. جرت هذه المشاورات الهامة في إطار “المبادرة العالمية لتعزيز الالتزام السياسي بالقانون الدولي الإنساني”، التي تنظمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
هذه المشاركة تعكس الدور القيادي للإمارات في مجال العمل الإنساني والدبلوماسي، وسعيها الدائم إلى إيجاد حلول عملية للتحديات التي تواجه المجتمع الدولي. كما تؤكد التزامها الراسخ بقيم العدالة والإنسانية.
حوار بناء وتبادل للخبرات
أدارت ممثلو الدول الأربع جلسات النقاش، وشهدت المشاورات مشاركة واسعة من الدول الأعضاء والمنظمات المدنية والخبراء المتخصصين. تميز الحوار بالشمولية والطابع البناء، مع تركيز واضح على تحديد أفضل الممارسات التي يمكن أن تساهم في الحد من الانتهاكات.
منصة لتبادل وجهات النظر
شكلت هذه المشاورات منصة هامة لتبادل وجهات النظر والخبرات بين مختلف الأطراف المعنية. تم خلالها استعراض التحديات التي تواجه تطبيق القانون الدولي الإنساني في مناطق النزاع المختلفة، وتقديم مقترحات عملية للتغلب عليها. هذا التبادل المعرفي يعزز الفهم المشترك ويساهم في تطوير استراتيجيات أكثر فعالية لحماية المدنيين.
تراجع المهنية في النزاعات: تحدٍ رئيسي
ترأست سعادة شهد مطر، نائبة المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة في جنيف، الجلسة المخصصة لمناقشة تراجع المهنية لدى أطراف النزاع. وأكدت أن هذا التراجع يشكل أحد العوامل الرئيسية التي تزيد من مخاطر انتهاك القانون الدولي الإنساني.
في كلمتها، شددت سعادة مطر على أن منع هذه الانتهاكات هو عامل أساسي لتعزيز الاستقرار، والحد من تفاقم النزاعات، وإرساء أسس السلام المستدام. وأضافت أن هذه الأهداف تمثل جوهر السياسة الخارجية لدولة الإمارات، والتي تركز على بناء جسور التواصل وتعزيز التعاون الدولي.
أهمية الممارسات العملية والاستراتيجيات الفعالة
أشارت سعادة شهد مطر إلى أن المشاركة الواسعة من مختلف الجهات خلال المشاورات تعكس الأهمية المتزايدة لوضع ممارسات عملية واستراتيجيات ومنهجيات فعالة لمنع الانتهاكات وتعزيز الامتثال للقانون. هذا يتطلب تضافر الجهود بين الدول والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، وتبني نهج شامل ومتكامل.
دور المنظمات الإنسانية
تلعب المنظمات الإنسانية، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، دوراً حيوياً في تعزيز القانون الدولي الإنساني من خلال توفير الحماية والمساعدة للمتضررين من النزاعات، ونشر الوعي بأحكام القانون. كما تساهم في رصد الانتهاكات والتحقيق فيها، وتقديم التقارير إلى الجهات المعنية.
المبادرة العالمية للقانون الدولي الإنساني: رؤية مستقبلية
تهدف المبادرة العالمية للقانون الدولي الإنساني إلى تعزيز الإرادة السياسية، وتطوير الجهود الجماعية الرامية إلى دعم احترام القانون الدولي الإنساني على مستوى العالم. كما توفر منصة منظمة تتيح للدول والشركاء تطوير نهج عملي وتعاوني لمنع الانتهاكات والتصدي لها.
حتى الآن، انضمت نحو 96 دولة رسمياً إلى المبادرة، مما يدل على الدعم الدولي الواسع النطاق لهذه الجهود. وتسعى المبادرة إلى تعزيز الحوار والتنسيق بين الدول، وتبادل أفضل الممارسات، وتوفير الدعم الفني والمالي للدول التي تحتاج إليه. بالإضافة إلى ذلك، تعمل المبادرة على رفع مستوى الوعي بأهمية القانون الدولي الإنساني بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والعسكريين.
تعزيز الامتثال للقانون الدولي الإنساني: مسؤولية مشتركة
إن تعزيز الامتثال للقانون الدولي الإنساني ليس مجرد التزام قانوني، بل هو أيضاً مسؤولية أخلاقية وإنسانية تقع على عاتق جميع الدول والأطراف المعنية. من خلال المشاركة الفاعلة في مبادرات مثل المبادرة العالمية، والالتزام بتطبيق أحكام القانون في جميع الأوقات، يمكننا أن نساهم في بناء عالم أكثر عدلاً وأماناً، حيث يتم احترام حقوق الإنسان وحماية المدنيين في أوقات النزاع. إن دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال دورها الرائد في هذا المجال، تؤكد التزامها الدائم بدعم هذه الجهود، والعمل مع الشركاء الدوليين لتحقيق هذه الأهداف النبيلة.


