يعتبر سوق العمل الإماراتي من أكثر الأسواق ديناميكية وتنافسية في المنطقة، وقد شهد تطورات ونموًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الماضية (2021-2025). هذه التطورات لم تقتصر على زيادة حجم القوى العاملة فحسب، بل امتدت لتشمل تحسين بيئة العمل، وزيادة مشاركة المرأة، وتعزيز التوطين في القطاع الخاص. ووفقًا لوزارة الموارد البشرية والتوطين، فإن هذه الإنجازات تعكس نجاح المنظومة التشريعية المتكاملة والإصلاحات النوعية التي تم تطبيقها.
نمو غير مسبوق في مكونات سوق العمل
أظهرت الأرقام الصادرة عن وزارة الموارد البشرية والتوطين نموًا استثنائيًا في مختلف القطاعات. حيث ارتفع عدد الشركات بنسبة 45.76%، بينما شهدت القوى العاملة نموًا بواقع 101.76%، وهذا يشير إلى زيادة الطلب على الكفاءات والمهارات المختلفة. يعتبر نمو القوى العاملة الماهرة من أبرز السمات الإيجابية، حيث بلغ 49.92%، مما يعكس الجهود المبذولة لرفع مستوى المهارات وتأهيل الكفاءات الوطنية والمقيمة.
مشاركة المرأة وتوجهات التوطين
لم يتوقف النمو عند هذا الحد، بل امتد ليشمل مشاركة المرأة في سوق العمل، والتي حققت زيادة ملحوظة بلغت 101.92%. يعكس هذا النمو الجهود المستمرة لتمكين المرأة وتقديم الدعم اللازم لها للانخراط في مختلف المجالات. بالتزامن مع ذلك، سجل ملف التوطين في القطاع الخاص إنجازات تاريخية، حيث بلغ إجمالي عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص حتى 16 ديسمبر الجاري 171 ألف مواطن ومواطنة، بنسبة نمو مذهلة وصلت إلى 377% مقارنة بنحو 37,500 مواطن في عام 2021. كما بلغت نسبة الزيادة في عدد المنشآت التي عينت مواطنين منذ إطلاق برنامج “نافس” 320%.
منظومة تشريعية متكاملة وبيئة عمل جاذبة
أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين أن هذه الإنجازات لم تتحقق من فراغ، بل جاءت نتيجة مباشرة للمنظومة التشريعية المتكاملة والإصلاحات النوعية التي تم تنفيذها منذ عام 2021. تهدف هذه المنظومة إلى توفير بيئة عمل جاذبة ومستدامة، تحمي حقوق العمال وأصحاب العمل على حد سواء، وتعزز من تنافسية القطاع الخاص.
حماية الأجور والتأمين ضد التعطل
من أبرز ملامح هذه المنظومة، بلوغ نسبة العاملين المشمولين في نظام حماية الأجور 99%، وهي النسبة نفسها للعاملين المسجلين في نظام التأمين على حقوق العمال. وارتفعت نسبة العاملين الحاصلين على وثيقة التأمين ضد التعطل عن العمل في القطاع الخاص إلى 83%. كما قامت الوزارة باعتماد أربعة صناديق ادخارية لدعم العاملين في القطاع الخاص وتشجيعهم على الادخار، بالإضافة إلى إطلاق باقة تأمين صحي شاملة للعاملين في القطاع الخاص والعمالة المساعدة تبدأ من 320 درهمًا.
دعم وتوجيه العاملين والامتثال بمعايير السلامة
لم تغفل الوزارة عن توفير الدعم والتوجيه اللازمين للعاملين، حيث قدمت خدمات إرشادية بـ 17 لغة مختلفة، استفاد منها ما يقرب من تسعة ملايين عامل. وأظهرت الإحصائيات نسبة امتثال عالية تصل إلى 99% لسياسة حماية العمالة من الإجهاد الحراري، وهي السياسة التي تطبقها الوزارة منذ 21 عاماً بشكل متواصل. هذه الجهود تعكس التزام الوزارة بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية للجميع.
جائزة الإمارات للريادة في سوق العمل ومؤشرات التنافسية العالمية
في إطار المبادرات التي تهدف إلى تعزيز تنافسية وكفاءة سوق العمل الإماراتي، لعبت جائزة الإمارات للريادة في سوق العمل دورًا بارزًا في تشجيع الممارسات المتميزة وتكريم المبدعين. وشهدت الجائزة إقبالاً متزايدًا في كل دورة، حيث استقطبت أكثر من 18 ألف طلب مشاركة في دورتها الثالثة عام 2025، بقيمة جوائز بلغت 50 مليون درهم، وتم تكريم 100 فائز. هذا مقارنة بـ 7700 طلب مشاركة وقيمة جوائز 37 مليون درهم في الدورة الثانية، و3500 طلب وتكريم 66 فائزًا بقيمة 9 ملايين درهم في الدورة الأولى.
بفضل هذه الجهود المتكاملة، تصدر سوق العمل الإماراتي المرتبة الأولى عالميًا في عدد من مؤشرات التنافسية العالمية لعام 2025، بما في ذلك نمو التوظيف، ونسبة التوظيف، وساعات العمل، وقلة المنازعات العمالية، وتوافر الكفاءات القيادية والخبرات العالمية، ونمو القوى العاملة، وقلة تكاليف إنهاء خدمات العامل. وهذا يعزز من مكانة الإمارات كوجهة مفضلة للعمال والكفاءات من مختلف أنحاء العالم.
خلاصة
إن النمو الباهر الذي شهده سوق العمل الإماراتي خلال السنوات الخمس الماضية هو دليل قاطع على نجاح الرؤية الاستراتيجية لوزارة الموارد البشرية والتوطين. من خلال تطوير منظومة تشريعية متكاملة، وتعزيز التوطين، وتحسين بيئة العمل، تمكنت الإمارات من بناء سوق عمل تنافسي ومرن، يجذب الكفاءات ويدعم النمو الاقتصادي المستدام. هذه الإنجازات تدعو إلى مزيد من التعاون بين القطاعين العام والخاص، لمواصلة تطوير سوق العمل وتحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل. يمكن للمهتمين بالمزيد من التفاصيل زيارة الموقع الرسمي لوزارة الموارد البشرية والتوطين للاطلاع على التقارير والدراسات المتعلقة بـ التوطين و تطوير القوى العاملة.


