في مواجهة التحديات المتزايدة التي تواجهها، تقترح دراسة حديثة إعادة هيكلة جذرية لـ المستشفيات في بريطانيا، مع التركيز على تقليل حجمها وعدد الأسرة. يأتي هذا الاقتراح كجزء من خطة أوسع لإنقاذ هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) من “أزمتها الدائمة” وتحسين جودة الرعاية المقدمة للمرضى. يهدف هذا التحول إلى تعزيز الرعاية المجتمعية وتقليل الاعتماد على الإقامة الطويلة في المستشفيات، وهو ما يتطلب تغييرًا في طريقة تفكيرنا حول دور المستشفى الحديث.

الحاجة إلى إعادة هيكلة المستشفيات البريطانية

تواجه هيئة الخدمات الصحية الوطنية ضغوطًا هائلة، تتفاقم مع شيخوخة السكان وزيادة الطلب على الخدمات الصحية. الازدحام في المستشفيات في بريطانيا أصبح ظاهرة مألوفة، مما يؤثر سلبًا على جودة الرعاية ويستنزف موارد النظام الصحي. يشير تقرير مركز “رياستايت” إلى أن الحل لا يكمن في زيادة الإنفاق أو إضافة المزيد من الأسرة، بل في إعادة التفكير في كيفية تقديم الرعاية الصحية بشكل أكثر كفاءة وفعالية.

الوضع الحالي يتطلب حلولًا مبتكرة، فمجرد إضافة أسرة إضافية لمعالجة أزمة الشتاء، على سبيل المثال، ليس حلاً مستدامًا. بدلاً من ذلك، يجب التركيز على الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض، وتوفير الرعاية المناسبة في البيئات المناسبة، سواء كانت المنازل أو المراكز الصحية المجتمعية.

تقليل حجم المستشفيات: توفير الموارد وتحسين الرعاية

الاقتراح الرئيسي للتقرير هو تقليل حجم المستشفيات من خلال خفض عدد الأسرة المتاحة. قد يبدو هذا الاقتراح مثيرًا للجدل، لكن الخبراء يؤكدون أنه لا يتعلق بتقليل الخدمات، بل بتقديمها بطرق مختلفة. فمع التوسع في خدمات الرعاية المنزلية والرعاية القريبة من المنزل، سيقل احتياج المرضى للدخول إلى المستشفى أو البقاء فيه لفترات طويلة.

الرعاية المنزلية كبديل للإقامة في المستشفى

تعتبر الرعاية المنزلية حلاً واعدًا لتقليل الضغط على المستشفيات في بريطانيا. من خلال توفير الفحوص التشخيصية والمواعيد الخارجية والعلاج في المنزل، يمكن للمرضى الحصول على الرعاية التي يحتاجونها دون الحاجة إلى مغادرة منازلهم. هذا لا يوفر لهم الراحة فحسب، بل يقلل أيضًا من خطر الإصابة بالعدوى ويحسن من جودة حياتهم.

توفير مليارات الجنيهات الاسترلينية

بالإضافة إلى تحسين الرعاية، فإن تقليل حجم المستشفيات يمكن أن يؤدي إلى توفير كبير في التكاليف. تشير التقديرات إلى أن هذا الإجراء يمكن أن يوفر لهيئة الخدمات الصحية الوطنية مليارات الجنيهات الاسترلينية، والتي يمكن استخدامها لتمويل خدمات أخرى أو لتحسين جودة الرعاية المقدمة. هذا التوفير المالي ضروري لضمان استدامة النظام الصحي على المدى الطويل.

التحديات والاعتبارات اللازمة لتنفيذ الخطة

على الرغم من الفوائد المحتملة، فإن تنفيذ خطة تقليل حجم المستشفيات لن يكون سهلاً. يتطلب ذلك تغييرًا ثقافيًا في طريقة تفكيرنا حول الرعاية الصحية، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية للرعاية المجتمعية.

من المهم أيضًا معالجة مخاوف الموظفين في المستشفيات، الذين قد يشعرون بالقلق بشأن فقدان وظائفهم. يجب أن يكون هناك تخطيط دقيق لضمان انتقال سلس للموظفين إلى وظائف جديدة في قطاع الرعاية المجتمعية. بالإضافة إلى ذلك، يجب ضمان توفير التدريب والدعم اللازمين للموظفين لتمكينهم من تقديم الرعاية المناسبة في البيئات الجديدة.

الوضع الحالي لعدد الأسرة في إنجلترا

تظهر الأرقام الرسمية أن عدد الأسرة في المستشفيات الإنجليزية قد انخفض بشكل كبير على مر السنين. فقد انخفض عدد الأسرة من 180,889 سريرًا في الفترة بين عامي 1987-1988 إلى 100,916 سريرًا في الشهر الماضي. يعزى هذا الانخفاض إلى التقدم في العلاج الذي أدى إلى تقصير مدة إقامة المرضى. ومع ذلك، لا يزال هناك حاجة إلى إضافة أسرة إضافية لمواجهة أزمة الشتاء المتكررة.

الخلاصة: نحو نظام صحي أكثر استدامة

إن إعادة هيكلة المستشفيات في بريطانيا وتقليل حجمها ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق نظام صحي أكثر استدامة وفعالية. من خلال التركيز على الرعاية المجتمعية والوقاية والكشف المبكر عن الأمراض، يمكننا تقليل الاعتماد على المستشفيات وتحسين جودة الرعاية المقدمة للمرضى.

يتطلب هذا التحول شجاعة سياسية ورؤية استراتيجية، بالإضافة إلى تعاون وثيق بين جميع أصحاب المصلحة. ولكن في نهاية المطاف، فإن الاستثمار في نظام صحي أكثر استدامة هو استثمار في مستقبلنا جميعًا. ندعو القراء إلى مشاركة آرائهم حول هذا الموضوع الهام والمساهمة في الحوار حول مستقبل الرعاية الصحية في بريطانيا. هل تعتقدون أن تقليل حجم المستشفيات هو الحل الأمثل لأزمة هيئة الخدمات الصحية الوطنية؟ شاركونا أفكاركم!

شاركها.
Exit mobile version