عندما نتوقف عن تقسيم انفسنا، نتوقف عن فرز بعضنا البعض، ونمحو الكلمات التي تفرقنا، عندها فقط نبدأ خطوة حقيقية نحو الوحدة. هذا المقال يتناول أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة التحديات الراهنة، وكيف أن التغلب على الانقسامات هو أساس بناء مستقبل أفضل. الوحدة الوطنية الفلسطينية ليست مجرد شعار، بل هي ضرورة حتمية لضمان بقاء الشعب الفلسطيني وتحقيق طموحاته في الحرية والكرامة.
أهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية في ظل التحديات
إن الوضع الراهن في فلسطين، وما تشهده غزة من حصار وتدمير، يفرض علينا أكثر من أي وقت مضى التفكير بجدية في ضرورة الوحدة. غزة اليوم، بدمائها، تثبت أن الوحدة ليست رفاهية بل هي شرط أساسي للبقاء. إنها لا تطلب كلمات عزاء، بل شعبًا يقف صفًا واحدًا، يحول الألم إلى قوة، والدمار إلى عمر، والاستهداف إلى نهضة جديدة. التفرقة ليست مجرد خطأ، بل هي خيانة لحقنا في البقاء، وخيانة لحلمنا في حياة كريمة.
التغلب على الانقسامات الداخلية
نحن لسنا ألوانًا متنافرة، ولا لهجات متخاصمة، ولا مناطق متباعدة. نحن شعب واحد، دم واحد، مه واحد، حلم واحد، وعلم واحد. اللون الأحمر لا يجب أن يرمز لحزب، والأخضر لفصيل، والأصفر للهوية، والأسود ليس راية غضب. يجب أن تعود هذه الألوان إلى مكانها الطبيعي، كألوان لعلم فلسطين، علم واحد لشعب واحد.
عندما نتذكر مشاهد الأطفال والبيوت المهدمة، والناس الذين يكافحون من أجل البقاء، ندرك تمامًا أن التفرقة خيانة. هذا ليس وقت الاختلافات، بل وقت أن نكون جسدًا واحدًا يواجه محنة واحدة ويصنع مستقبلًا واحدًا.
الوحدة: طريق نحو بناء المستقبل
عندما نسقط الحواجز الوهمية، سنكتشف أننا لم نكن بحاجة لكل هذا الشتات الداخلي، وأن ما كان يفرقنا لم يكن يومًا أكبر مما يجمعنا. عندما لا نسأل من أين أنت، بل نسأل ماذا نستطيع أن نبني معًا، يصبح الوطن مشروعًا لا خلاف عليه، بل قدرًا نتقاسمه.
تجاوز الانتماءات الضيقة
علينا أن نتوقف عن توزيع شهادات الدين والوطنية على بعضنا البعض: هذا مؤمن وهذا كافر، هذا وطني وهذا خائن. إننا لسنا أصحاب مفاتيح السماء أو مفاتيح الوطن. الحقيقة أن من يحب وطنه حقًا لا يبحث عن عيوب في أخيه، بل عن يد تمسك بيده. الوحدة الفلسطينية تتطلب منا تجاوز الانتماءات الضيقة، والتركيز على المصلحة الوطنية العليا.
لحظة فارقة: بين الوحدة والشتات
نحن اليوم أمام لحظة فارقة. إما أن نتحد، فنحمي ما تبقى من وطننا، ونفتح باب الإعمار، ونمنع مشاريع التصفية والتفتيت، أو نستمر في خلافات صغيرة تتيح لغيرنا أن يكتب مصيرنا. الوطن ليس في العدد، بل في الوحدة. وليس في الشعارات، بل في الأفعال. وليس في التاريخ، بل في ما نصنعه اليوم كي يعيش هذا التاريخ مرة أخرى.
دور الأفعال في تحقيق الوحدة
إن الاحتلال يكبر بتفرقنا ويصغر بتماسكنا. والغد لا يصنع بالصوت العالي، بل بالكتف إلى الكتف. فلسطين لا تريد منا قصائد ولا خطابات ولا صورًا، بل تريد شيئًا واحدًا فقط: أن نكون كما خلقنا، شعبًا واحدًا. العمل الوطني المشترك هو السبيل الوحيد لتحقيق هذه الوحدة.
الوحدة: قوة لا يستهان بها
عندما نقرر ذلك بصدق، لا بلساننا فقط، ساعتها نصبح قوة لا يستطيع العالم إلا أن يحترمها. ساعتها نبني وطنًا من حجر ومن كرامة ومن يدين لا تفلت بعضهما أبدًا. ساعتها نتحول من شعب يعيش المأساة إلى شعب يكتب معجزته بيده.
فلسطين لا تنتظر منا أكثر من ذلك، ولا تستحق أقل من ذلك. الوحدة هي مفتاح النصر، وهي الضمانة الوحيدة لمستقبل مشرق لأجيالنا القادمة. إن تحقيق الوحدة الوطنية يتطلب تضحيات وجهودًا مشتركة من جميع الفلسطينيين، أينما كانوا.
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر أي جهة أخرى.


