على خلفية الإعلان المثير للجدل، علقت حركة حماس مساء الاثنين 24 نوفمبر 2025، على قرار مؤسسة غزة الإنسانية بإنهاء عملها داخل قطاع غزة، واصفةً إياه بأنه نتيجة طبيعية لممارساتها التي اعتبرتها “غير إنسانية” وتورطها في “جريمة الإبادة” التي يتعرض لها الفلسطينيون. هذا التصريح يلقي الضوء على التوترات المتصاعدة بين الفصائل الفلسطينية والمنظمات الدولية العاملة في القطاع، ويطرح تساؤلات حول دور هذه المؤسسات في ظل الأوضاع الإنسانية المعقدة. مؤسسة غزة الإنسانية كانت من بين أبرز الجهات الفاعلة في تقديم المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، لكن قرار الانسحاب والرد الرسمي من حماس يفتحان باباً للنقاش حول الشفافية والمساءلة في العمل الإنساني.
رد حركة حماس على إنهاء عمل مؤسسة غزة الإنسانية
وصفت حركة حماس قرار مؤسسة غزة الإنسانية بإنهاء عملها بأنه “خطوة مستحقة لمؤسسة لا إنسانية”، معتبرةً أنها سقطت بفشل مشروع الإبادة وهندسة التجويع الذي تسعى إليه، كما تزعم، “إسرائيل” بالتعاون مع جهات أخرى. وأكدت الحركة أن المؤسسة كانت جزءًا من “المنظومة الأمنية للاحتلال” منذ دخولها إلى القطاع، وذلك من خلال ما أسمته “آليات توزيع لا تمت للإنسانية بصلة” و”خلقها ظروفاً خطرة ومهينة لكرامة المجوعين”.
اتهامات بالتواطؤ في جريمة الإبادة
لم تكتفِ حماس بالاتهامات العامة، بل ذهبت أبعد من ذلك بالقول إن هذه المؤسسة ساهمت بشكل مباشر في استشهاد وإصابة الآلاف من الفلسطينيين بسبب عمليات القنص والقتل المتعمد خلال محاولتهم الحصول على المساعدات. وحملت الحركة المؤسسة مسؤولية ما وصفته بـ “أرقام تفضح حجم تواطؤها في جريمة الإبادة”. هذا التصعيد اللفظي يمثل موقفاً قوياً من حماس تجاه أي جهة تعتبرها شريكة في الضغط على الفلسطينيين أو التغاضي عن الانتهاكات الإسرائيلية.
فشل الاحتلال وشركائه في فرض الأمر الواقع
ورأت حماس في قرار الانسحاب “نموذجاً لفشل الاحتلال وشركائه في فرض سياسة الأمر الواقع وفق معايير الاحتلال”. وأوضحت أن أي مشروع “يعمل مع الاحتلال وينفذ سياساته الفاشية سينهار بالضرورة، لأنه قائم على الظلم والاستبداد وامتهان كرامة الإنسان”. هذا التحليل يأتي في سياق رؤية حماس للصراع مع إسرائيل، والتي تعتبر فيها أي تعامل مع الكيان المحتل بمثابة اعتراف بشرعيته وتوطيد لقوته.
دور مؤسسة غزة الإنسانية والجدل الدائر حوله
العمل الإنساني في غزة يواجه تحديات هائلة، سواءً من ناحية القيود الإسرائيلية على إدخال المساعدات، أو من ناحية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي يعاني منها السكان. وكانت مؤسسة غزة الإنسانية، بحسب ما ورد سابقاً، تعمل على توفير الغذاء والدواء والمأوى للنازحين والمتضررين من الصراع. ومع ذلك، أثار عملها جدلاً واسعاً، خاصةً فيما يتعلق بآليات التوزيع والشفافية.
آليات التوزيع والشكوك المحيطة بها
أحد أبرز الانتقادات الموجهة للمؤسسة يتعلق بآليات توزيع المساعدات، والتي اتهمها البعض بالتمييز وعدم الوصول إلى الفئات الأكثر احتياجاً. كما ظهرت شكوك حول مدى استقلالية المؤسسة وعلاقتها بالسلطات الإسرائيلية، خاصةً بعد اتهامات متكررة باستخدام المساعدات كأداة للضغط السياسي. هذه الانتقادات تؤثر سلباً على مصداقية المؤسسة وتثير تساؤلات حول مدى فعاليتها في تحقيق الأهداف الإنسانية المرجوة. ويزيد من التعقيد حقيقة أن أزمة غزة الإنسانية متفاقمة، وتتطلب جهوداً دولية مكثفة لتقديم المساعدة اللازمة.
المطالبة بالتحقيق والمحاسبة
في ختام بيانها، طالبت حركة حماس المؤسسات القانونية والمحاكم الدولية بـ “ملاحقة هذه المؤسسة والقائمين عليها ومحاسبتهم على جرائمهم بحق شعبنا، حتى لا تتكرر المأساة ولحماية الإنسانية من الإرهاب الدولي المنظم”. هذا الطلب يعكس إصرار الحركة على عدم السماح بالإفلات من العقاب لأي جهة تعتبرها مسؤولة عن معاناة الفلسطينيين، ويعد خطوة تصعيدية في مواجهة ما تعتبره “ممارسات غير قانونية وغير إنسانية”.
مستقبل العمل الإنساني في قطاع غزة
قرار مؤسسة غزة الإنسانية بإنهاء عملها يضع تساؤلات حول مستقبل العمل الإنساني في القطاع. فمن ناحية، هناك حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة. ومن ناحية أخرى، هناك مخاوف متزايدة بشأن دور المنظمات الدولية وعلاقاتها بالسلطات الإسرائيلية.
لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية بشكل فعال ومستدام، يجب التركيز على:
- تعزيز الشفافية والمساءلة في عمل المنظمات الدولية.
- ضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر احتياجاً دون تمييز.
- التعاون مع المنظمات المحلية لضمان فهم أفضل للاحتياجات والتحديات على أرض الواقع.
- الضغط على إسرائيل لرفع القيود المفروضة على إدخال المساعدات.
إن إدارة الأزمة الإنسانية في غزة تتطلب جهوداً متضافرة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المجتمع الدولي والفصائل الفلسطينية، لضمان حماية حقوق الإنسان وتلبية احتياجات السكان المتضررين. ويبقى السؤال مفتوحاً حول الجهات التي ستملأ الفراغ الذي خلفته مؤسسة غزة الإنسانية، وكيف سيتم التعامل مع التحديات التي تواجه العمل الإنساني في القطاع.


