في تطور لافت للأحداث، انتقد حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو، نائبة الرئيس الأمريكية السابقة، كامالا هاريس، بشدة، متهماً إياها بنشر “أكاذيب صارخة” عنه في مذكراتها الأخيرة التي تكشف تفاصيل حملتها الانتخابية الفاشلة للرئاسة. هذا النقد الحاد يأتي بعد أن وصفته هاريس في كتابها “107 أيام” بصفات سلبية، الأمر الذي أثار غضب شابيرو وأدى به إلى الرد العلني على هذه الادعاءات.
كامالا هاريس وجوش شابيرو: خلاف حول مذكرات “107 أيام”
تصاعد الخلاف بين كامالا هاريس وجوش شابيرو بعد نشر مقتطفات من كتاب “107 أيام” الذي يروي كواليس حملة هاريس الانتخابية. شابيرو، الذي كان في مرحلة ما مرشحًا لمنصب نائب الرئيس في قائمة هاريس، فوجئ بحدة الوصف الذي خصصته له نائبة الرئيس السابقة. فقد اتهمته هاريس بالتعجرف والتسلط، بالإضافة إلى اهتمامه المفرط بتفاصيل مقر إقامة نائب الرئيس، مثل قياسات الستائر وعدد غرف النوم، وحتى الاستفسار عن إمكانية استعارة أعمال فنية من متحف “سميثسونيان” لتزيين المكان.
هذه التفاصيل، التي أثارت استياء شابيرو، جاءت في سياق حديث لمجلة “ذي أتلانتيك”، حيث سأل الصحافي تيم ألبرتا عما إذا كانت هاريس قد كتبت هذه الانتقادات بالفعل. رد شابيرو بغضب قائلًا: “هذا غير صحيح على الإطلاق، أستطيع أن أقول لك إن روايتها مجرد أكاذيب صارخة.”
تفاصيل الاتهامات المتبادلة
لم تكتفِ هاريس بوصف اهتمامات شابيرو بالمادية والشكلية، بل ذهبت إلى حد القول إنه كان يريد “الحضور في كل قرار” إذا أصبحت رئيسة، وأنه كان يفرض نفسه في النقاشات بشكل لافت. ووفقًا لكتابها، كانت هاريس بحاجة إلى تذكير شابيرو بأنه لن يتمتع بنفس القدر من السلطة الذي قد يطمح إليه.
رد فعل شابيرو، كما وصفه ألبرتا، كان مزيجًا من الغضب والسخط أثناء قراءة المقتطفات. وعندما سُئل عما إذا كان يشعر بالـ“خيانة“ من قبل هاريس، انتقدها بشدة واتهمها بالسعي إلى تبرئة نفسها من مسؤولية الهزيمة الساحقة أمام دونالد ترامب.
في لحظة حادة، قال شابيرو: “إنها تحاول بيع الكتب وتبرئة نفسها.” ثم تراجع سريعًا مضيفًا: “لا ينبغي أن أقول ذلك، أعتقد أن هذا غير لائق.” هذا التصريح يعكس مدى الانزعاج الذي شعر به شابيرو من الطريقة التي صورته بها هاريس في مذكراتها.
دوافع كامالا هاريس وراء الانتقادات
كشفت مذكرات هاريس أيضًا عن تفاصيل مثيرة حول عملية اختيار نائب الرئيس. فقد ذكرت أن حاكم ولاية إنديانا، بيت بوتيجيج، كان “خيارها الأول”، لكنها وجدت في هذا الاختيار “مخاطرة سياسية كبيرة جدًا”. وأوضحت أن أحد أسباب هذا التردد يعود إلى أنها كانت تواجه تحديًا في إقناع الناخبين بقبول امرأة، وخصوصًا امرأة سوداء، في منصب الرئاسة.
وقالت هاريس: “كنا نطلب بالفعل الكثير من أمريكا: أن تقبل امرأة، امرأة سوداء.” وأضافت أنها شعرت بأن جزءًا منها كان يريد المضي قدمًا في هذا الاختيار، لكنها أدركت المخاطر السياسية الكبيرة التي قد تترتب عليه. في النهاية، استقرت هاريس على حاكم مينيسوتا، تيم والز، كشريك لها في الترشح.
جوش شابيرو والآفاق السياسية المستقبلية
بعد أن كان محل اهتمام كمُرشح محتمل لمنصب نائب الرئيس، برز جوش شابيرو الآن كأحد المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية لعام 2028. هذا الخلاف مع هاريس قد يكون له تأثير على صورته العامة، إيجابيًا أو سلبيًا، في سياق طموحاته السياسية المستقبلية. فمن ناحية، قد يراه البعض مدافعًا عن كرامته ورافضًا للتشويه، ومن ناحية أخرى، قد يُنظر إليه على أنه شخص متناحر ومتسرع في ردود أفعاله.
هذا التطور يضع كامالا هاريس أيضًا تحت المجهر، حيث يراقب المحللون السياسيون كيف ستتعامل مع هذا النقد العلني، وما إذا كانت ستتراجع عن بعض التصريحات الواردة في كتابها. من المؤكد أن هذا الخلاف سيثير نقاشات واسعة حول السياسة الأمريكية، ودور المذكرات في تشكيل الرأي العام، وأخلاقيات الحملات الانتخابية.
تأثير المذكرات على المشهد السياسي
تأتي هذه الانتقادات في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة استقطابًا سياسيًا حادًا، وتزايدًا في الشكوك حول النخب السياسية. قد يؤدي نشر هذه المذكرات، وما تضمنته من تفاصيل مثيرة، إلى زيادة هذا الشك، وإلى تأجيج الخلافات بين الأطراف المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، قد يشجع هذا الأمر شخصيات سياسية أخرى على فضح كواليس الحملات الانتخابية، والكشف عن الصراعات الداخلية التي تحدث خلف الكواليس.
الخلاصة: صراع على السردية والآثار السياسية المحتملة
ختامًا، يمثل الخلاف بين جوش شابيرو وكامالا هاريس أكثر من مجرد رد فعل على مذكرات شخصية. إنه صراع على السردية، ومحاولة من كل طرف لتبرير مواقفه واتهام الآخر بالأكاذيب والتشويه. من الواضح أن لهذا الخلاف آثارًا سياسية محتملة، خاصة بالنسبة لشابيرو الذي يطمح إلى الوصول إلى البيت الأبيض في المستقبل. سيكون من المثير للاهتمام متابعة تطورات هذا الخلاف، وكيف سيؤثر على المشهد السياسي الأمريكي. هل ستكون هذه المذكرات نقطة تحول في كيفية تناول السياسيين لبعضهم البعض علنًا؟ وهل ستؤثر على فرص شابيرو في الترشح للرئاسة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذه الأسئلة.


