في تطور لافت يثير المزيد من القلق في فنزويلا، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نوايا إدارته لتوسيع نطاق العمليات العسكرية الأمريكية لمكافحة تهريب المخدرات لتشمل عمليات برية داخل فنزويلا، بالإضافة إلى العمليات البحرية الحالية. هذا التصريح، الذي يأتي في سياق تصاعد التوترات بين البلدين، يهدد بتفاقم الأزمة السياسية والإنسانية التي تعاني منها فنزويلا، ويضع المنطقة بأكملها على حافة صراع محتمل. يركز هذا المقال على تفاصيل هذا الإعلان، ردود الفعل الفنزويلية، وتداعيات هذا التصعيد على الوضع الإقليمي، مع التركيز على تهريب المخدرات من فنزويلا كقضية رئيسية.
تصريح ترامب والتهديد بعمليات برية
أدلى الرئيس ترامب بهذا الإعلان خلال كلمة له أمام وحدة تابعة للقوات الجوية الأمريكية في تكساس، مؤكداً أن الولايات المتحدة قد “أوقفت تقريباً 85% من عمليات التهريب عن طريق البحر”. وأضاف أن المرحلة التالية ستكون استهداف مهربي المخدرات الفنزويليين برياً، مشيراً إلى أن هذا الإجراء “سيبدأ قريباً جداً”. لم يقدم ترامب تفاصيل محددة حول طبيعة هذه العمليات البرية أو الأهداف التي ستستهدفها، مما زاد من حالة الغموض والقلق.
منذ سبتمبر الماضي، قامت القوات الأمريكية باستهداف أكثر من 20 قارباً يُشتبه في استخدامها لتهريب المخدرات في منطقة البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 83 شخصاً. بالإضافة إلى ذلك، قامت واشنطن بعروض للقوة الجوية في المنطقة، بما في ذلك تحليق قاذفات من طراز “بي – 52″ و”بي – 1بي” بالقرب من السواحل الفنزويلية.
دوافع الإدارة الأمريكية
تأتي هذه التصريحات في إطار الضغط المتزايد الذي تمارسه إدارة ترامب على حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو. تتهم الولايات المتحدة مادورو بالتورط في تجارة المخدرات والتسبب في أزمة إنسانية واقتصادية حادة في فنزويلا. في حين أن ترامب أعرب في الآونة الأخيرة عن انفتاحه على الحوار مع مادورو، إلا أن هذه الإجراءات العسكرية المتصاعدة تشير إلى أن واشنطن لا تزال تعتبر تغيير النظام في فنزويلا خياراً مطروحاً.
ردود الفعل الفنزويلية والتصعيد المتبادل
اعتبر الرئيس مادورو إعلان ترامب محاولة للإطاحة بحكومته، ورد عليه بتحدي الولايات المتحدة وتنظيم تدريبات عسكرية وتظاهرات جماهيرية بهدف إظهار القوة والدعم الشعبي له. كما اتهم مادورو الولايات المتحدة بشن “حرب إرهابية” ضد فنزويلا، واستنكر التدخل الأمريكي في شؤونه الداخلية.
في خطوة تصعيدية أخرى، أعلنت واشنطن تصنيف كارتل مخدرات فنزويلي كمنظمة إرهابية أجنبية، بينما قام كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين بزيارة المنطقة هذا الأسبوع. وفي الوقت نفسه، أمضى وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث عطلة عيد الشكر مع القوات المتمركزة على حاملة طائرات، ونشر البنتاغون مقاطع فيديو تظهر هيغسيث وهو يقدم وجبات الطعام للقوات، معرباً عن امتنانه لجهودهم في “ردع العصابات” و”الدفاع عن الشعب الأمريكي”.
تداعيات على حركة الطيران المدني
أدت التوترات المتصاعدة إلى اضطرابات كبيرة في حركة الطيران من وإلى فنزويلا. علّقت ست شركات طيران، تمثل الجزء الأكبر من السفر الجوي في أمريكا الجنوبية، رحلاتها إلى فنزويلا بعد تحذيرات أمنية من إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA)، التي أشارت إلى “تدهور الوضع الأمني وتزايد النشاط العسكري في فنزويلا أو حولها”.
ردت فنزويلا بسحب تراخيص شركات الطيران التي علّقت رحلاتها، بما في ذلك شركات “إيبيريا” و”تاب” و”أفيانكا” و”لاتام” و”غول” و”التركية”. واتهمت فنزويلا هذه الشركات بـ “المشاركة في أعمال إرهاب الدولة التي تروج لها حكومة الولايات المتحدة من خلال تعليق عملياتها الجوية التجارية من جانب واحد”. ووصف وزير الخارجية البرتغالي باولو رانغيل رد فعل فنزويلا بأنه “غير متناسب”، مؤكداً أن البرتغال علّقت رحلاتها لأسباب أمنية فقط.
الأثر على المسافرين والوضع الإنساني
أثر تعليق الرحلات الجوية على أكثر من 8000 مسافر وتسبب في إلغاء ما لا يقل عن 40 رحلة مختلفة، وفقاً للجمعية الفنزويلية لوكالات السفر والسياحة. هذا التعليق يزيد من صعوبة الوضع الإنساني في فنزويلا، حيث يعاني الملايين من نقص الغذاء والدواء والخدمات الأساسية. على الرغم من هذه القيود، لا تزال بعض الشركات الفنزويلية، مثل “أفيور” و”ليزر”، تقدم عدداً محدوداً من الرحلات الجوية إلى إسبانيا وبعض المدن الإقليمية.
الخلاصة
إن إعلان الرئيس ترامب عن استهداف مهربي المخدرات من فنزويلا برياً يمثل تصعيداً خطيراً في التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا. في حين أن مكافحة تهريب المخدرات قد تكون هدفاً مشروعاً، إلا أن التهديد بالتدخل العسكري المباشر يثير مخاوف جدية بشأن استقرار المنطقة واحترام السيادة الفنزويلية. من الضروري أن تسعى الأطراف المعنية إلى حل هذه الأزمة من خلال الحوار والدبلوماسية، وتجنب أي إجراءات قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني والأمني في فنزويلا. يجب على المجتمع الدولي أيضاً أن يلعب دوراً بناءً في تسهيل هذا الحوار وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة للشعب الفنزويلي.


