في تطور لافت، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن استعداده لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ “منظمة إرهابية أجنبية”، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والأمنية. يأتي هذا الإعلان في ظل ضغوط متزايدة من الجمهوريين، بل وبعض الديمقراطيين، لمواجهة ما يعتبرونه تهديداً من هذه الجماعة للأمن القومي الأمريكي. هذا التحرك يضاف إلى سلسلة إجراءات مماثلة اتخذت على المستوى المحلي، مثل تصنيف حاكم ولاية تكساس للجماعة ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR).
تصعيد اللهجة الأمريكية ضد الإخوان: دوافع وخلفيات
لم يكن إعلان ترامب مفاجئًا تماماً، حيث سبقه تحقيق مطول نشره موقع “جست ذا نيوز” سلط الضوء على أنشطة جماعة الإخوان المسلمين المثيرة للجدل، والمخاوف المتزايدة داخل الإدارة الأمريكية بشأن دورها. يعتبر الجمهوريون في الكونجرس، وخاصةً السيناتور تيد كروز، أن الإخوان منظمة متطرفة تسعى إلى تقويض القيم الأمريكية. بالإضافة إلى ربط بعض فروع الإخوان، مثل حركة حماس، بأحداث عنفية أسفرت عن ضحايا أمريكيين، مثل مجزرة 7 أكتوبر.
تكساس تسبق الإدارة الفيدرالية
قبل قرار ترامب المنتظر، اتخذ حاكم تكساس غريغ أبوت خطوة جريئة وصنف الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR) كـ “منظمات إرهابية أجنبية ومنظمات إجرامية عابرة للحدود”. وأوضح أبوت أن هذه الجماعات تهدف إلى فرض الشريعة وتكريس “هيمنة الإسلام على العالم”، واصفًا أفعالها بأنها “غير مقبولة”.
وقد وجه حاكم تكساس إدارة السلامة العامة في الولاية بفتح تحقيقات جنائية ضد CAIR والإخوان، مستهدفاً الأنشطة التي يعتبرها إرهابية أو تهديدية، أو تلك التي تسعى إلى فرض الشريعة. هذه الخطوة أثارت انتقادات من جهات ترى أنها تمييزية وتقتضي أدلة قوية.
الضغوط البرلمانية والمطالبات المتزايدة
تزايدت المطالبات من داخل الكونجرس بتصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية. قدم العديد من السيناتور والنواب، من كلا الحزبين، مشاريع قوانين تدعو وزارة الخارجية الأمريكية إلى اتخاذ هذه الخطوة.
مشروع قانون تصنيف الإخوان
أعيد تقديم مشروع قانون “تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية” لعام 2025 من قبل النواب ماريو دياز-بالارت وجاريد موسكوفيتز. يستند هذا المشروع إلى الاعتقاد بأن الإخوان ومنظماتهم التابعة يمثلون تهديداً خطيراً للأمن القومي الأمريكي، وأنهم يستغلون الأموال الأمريكية وأنظمة الغرب لتعزيز أجندتهم المتطرفة.
وانتقد مؤيدو مشروع القانون ما وصفوه باستغلال الإخوان والمنظمات المرتبطة بها للقيم الديمقراطية الأمريكية من أجل الترويج لأفكارهم المتطرفة. ويرون أن تصنيفهم كمنظمة إرهابية سيقطع عنهم مصادر الدعم ويحد من قدرتهم على العمل.
تعقيدات التصنيف ووجهة نظر وزارة الخارجية
صنف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في أغسطس الماضي تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية بأنه “قيد الإعداد”، لكنه أكد أن العملية طويلة ودقيقة. ويرجع ذلك إلى أن جماعة الإخوان تتكون من العديد من الفروع التابعة، وكل فرع يجب أن يفحص على حدة لتقييم مدى تورطه في أنشطة إرهابية.
تعتبر هذه النقطة بالغة الأهمية، حيث أن التصنيف الشامل قد يكون له تداعيات غير مقصودة على الفصائل الإخوانية التي لا تشارك في العنف أو الإرهاب. وبالتالي، تسعى وزارة الخارجية إلى إجراء تقييم دقيق وشامل قبل اتخاذ أي قرار نهائي.
مستقبل القرار وتأثيراته المحتملة
في حال تم تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الإدارة الأمريكية، فإن ذلك قد يكون له تداعلات كبيرة على عدة مستويات. أولاً، سيؤدي إلى تجميد أصول الإخوان في الولايات المتحدة، وحظر سفر قياداتهم، وتقييد تعاملات الأمريكيين معهم.
ثانياً، قد يؤدي إلى زيادة الضغوط على الدول الأخرى التي تحتضن الإخوان، مثل قطر وتركيا، لوقف دعمها للجماعة.
ثالثاً، قد يعزز من موقف الدول التي تعتبر الإخوان منظمة إرهابية بالفعل، مثل مصر والإمارات والسعودية، في جهودها لمكافحة الإرهاب. ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن هذا القرار قد يثير أيضاً انتقادات من قبل جهات ترى أنه يقوض الحوار بين الحضارات ويؤجج التطرف.
بدلًا من ذلك: نظرة شاملة على الموقف الأمريكي
إن موضوع الإخوان المسلمين يشكل جزءًا من نقاش أوسع حول مكافحة الإرهاب والتطرف في الولايات المتحدة. فبالإضافة إلى الإخوان، هناك العديد من المنظمات الأخرى التي تخضع للمراقبة والتدقيق من قبل الأجهزة الأمنية الأمريكية. ويبدو أن الإدارة الأمريكية، سواء الحالية أو السابقة، مصممة على اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة أي تهديد للأمن القومي الأمريكي، بغض النظر عن مصدره.
الخطوات الأخيرة، سواء من جانب الرئيس ترامب أو حاكم تكساس، تعكس هذا التوجه وتشير إلى أن الولايات المتحدة قد تشهد مزيداً من التشديد على المنظمات التي تعتبر متطرفة أو إرهابية. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الجهود ستؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة، أم أنها ستخلق تحديات جديدة في العلاقة مع الدول الأخرى.


