أصبح العفو الرئاسي عن الديك الرومي تقليداً محبباً في الولايات المتحدة، يرتبط ارتباطاً وثيقاً باحتفالات عيد الشكر. هذا المشهد السنوي، الذي يظهر فيه الرئيس الأمريكي وهو يمنح حياة ديك رومي أو اثنين، غالباً ما يحملان أسماءً مرحة، قد يبدو بسيطاً، لكنه يحمل خلفه تاريخاً غنياً ومفاجئاً، يتجاوز مجرد إحياء لتقاليد موسمية. يمثل هذا الطقس، الذي تطور على مر السنين، لمحة فريدة عن الثقافة الأمريكية والسياسة وحتى المشاعر الإنسانية.

تاريخ تقليد العفو الرئاسي عن الديك الرومي: جذور أبعد مما تعتقد

على الرغم من أن العفو عن الديك الرومي يبدو وكأنه جزء لا يتجزأ من عيد الشكر الحديث، إلا أن بداياته الفعلية متواضعة وغير رسمية. يعود تقديم الديك الرومي إلى الرئيس لأول مرة إلى عام 1947، عندما أرسل الاتحاد الوطني للديك الرومي والمجلس الوطني للدواجن والبيض طائراً إلى الرئيس هاري ترومان كهدية. ومع ذلك، لا يوجد دليل على أن ترومان منح الطائر عفواً رسمياً، بل تشير سجلات مكتبة ترومان إلى أنه ربما قصد أن يكون الديك الرومي وجبة لعائلته.

كانت هذه الهدايا شائعة، وغالبًا ما يقرر الرؤساء بأنفسهم مصير هذه الطيور. بعضهم كان يناقش إعدادها كوجبة، بينما كان البعض الآخر يبدي تعاطفاً غير رسمي معها. هذه الممارسة استمرت بشكل متقطع لعقود، قبل أن تتطور إلى ما نعرفه اليوم.

من جورج بوش الأب إلى التقاليد السنوية الراسخة

يعتبر الرئيس جورج بوش الأب هو من أرسى تقاليد العفو عن الديك الرومي كما نراها الآن. في 17 نوفمبر 1989، أثناء حفل في البيت الأبيض، أعلن بوش بشكل قاطع أن الديك الرومي المسمى “جيري” لن ينتهي به المطاف على مائدة العشاء. قال بوش: “لكن دعوني أؤكد لكم، ولهذا الديك الرومي الجميل، أنه لن ينتهي به المطاف على مائدة عشاء أحد… فقد حصل على عفو رئاسي في الوقت الحالي”.

وبهذه الكلمات، حوّل بوش ما كان في السابق فعلاً عفوياً إلى تقليد سنوي رسمي. لقد وضع الأساس لمشهد سنوي أصبح جزءًا لا يتجزأ من احتفالات عيد الشكر في أمريكا.

العفو الرئاسي وأساسه التاريخي: أبراهام لينكولن و”جاك”

قد يكون من المفاجئ أن أول قصة موثقة عن عفو الرئيس عن ديك رومي تعود إلى زمن أبراهام لينكولن، خلال الحرب الأهلية في عام 1863. لم يكن هذا العفو رسمياً بالمعنى الحديث، بل كان نتيجة حب طفل.

كان ابنه لينكولن، تاد، البالغ من العمر ثماني سنوات، قد تعلق بديك رومي اسمه “جاك” كان قد وصل إلى البيت الأبيض. عندما تم تحضير “جاك” ليصبح وجبة عيد الميلاد، تدخل تاد وحث والده على العفو عنه. لينكولن، المعروف بحبه للحيوانات، استجاب لطلب ابنه، ومنح “جاك” حياة جديدة. يضاف إلى ذلك، أن هذا العام هو ذاته الذي أصدر فيه لينكولن إعلانه بعيد الشكر كترتيب وطني متحدياً بذلك الظروف القاسية للحرب الأهلية.

رونالد ريغان ومصطلح “العفو”: لمسة سياسية

بعد أكثر من قرن من قصة لينكولن و “جاك”، كان الرئيس رونالد ريغان هو من أدخل مصطلح “العفو” بشكل رسمي إلى هذا التقليد. في عام 1986، عندما عفا عن ديك رومي اسمه “تشارلي”، استخدم ريغان الكلمة على سبيل المزاح.

تم هذا العفو في وقت كانت فيه إدارة ريغان تواجه انتقادات بسبب فضيحة إيرانية. عندما سأله الصحافيون عما إذا كان سيعفو عن المتورطين في الفضيحة، تجنب الإجابة مباشرة، لكنه رد بذكاء: “لو كان السؤال يتعلق بـ(تشارلي) ومستقبله، فإني عفوت عنه”. لقد استخدم ريغان هذا الحدث الخفيف الظل لصرف الانتباه عن القضايا السياسية الأكثر حساسية، مما أضفى على العفو عن الديك الرومي بعداً جديداً.

عيد الشكر والحيوانات الأليفة: تقاليد متداخلة

يعكس الاحتفال بالعفو الرئاسي عن الديك الرومي أوجه متعددة من الثقافة الأمريكية. إلى جانب كونه جزءاً من احتفالات عيد الشكر، فإنه يسلط الضوء على العلاقة الخاصة بين الأمريكيين والحيوانات. فالعديد من العائلات تعتبر حيواناتها الأليفة أفراداً من العائلة، وهذه المشاعر تتجسد في هذا التقليد الوطني.

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر هذا الحدث فرصة لتعزيز الوعي بقضايا رعاية الحيوان. يتم إرسال الديك الرومي الذي يتم العفو عنه عادةً إلى مزرعة أو حديقة حيوانات، حيث يقضي بقية حياته في رعاية جيدة.

في الختام، فإن العفو الرئاسي عن الديك الرومي هو أكثر من مجرد حدث سنوي لطيف. إنه تقليد متعدد الأوجه يربط بين التاريخ والسياسة والثقافة الأمريكية، ويذكرنا بأهمية التعاطف والرحمة، حتى تجاه تلك الكائنات التي قد نعتبرها مجرد وجبة. هل تحب هذا التقليد الغريب؟ شاركنا رأيك في قسم التعليقات أدناه!

شاركها.
Exit mobile version