في فصل دراسي يعج بالألوان والأنشطة، يتبادل الطلاب الحديث باللغتين اليابانية والإنجليزية، منهمكون في استخدام المقصات، والقش، والزجاجات البلاستيكية، والبالونات. هذه ليست مجرد مدرسة، بل هي نافذة على عالم أوسع، مدرسة أوكيناوا الدولية في مدينة نانغو، محافظة أوكيناوا اليابانية، والتي تشهد إقبالاً متزايداً من العائلات اليابانية الباحثة عن تعليم دولي متميز بتكلفة معقولة. هذا المقال سيتناول أسباب هذا الإقبال المتزايد على المدارس الدولية في أوكيناوا، والتحديات والفرص التي تواجهها هذه المؤسسات التعليمية.
ازدياد شعبية التعليم الدولي في أوكيناوا
تأسست مدرسة أوكيناوا الدولية في عام 2003 كمدرسة دولية لمرحلة ما قبل المدرسة في مدينة ناها، لتتطور وتصبح اليوم مدرسة معتمدة تقدم برنامج البكالوريا الدولية (IB) المتكامل من مرحلة رياض الأطفال وحتى الثانوية. وللمرة الأولى، تجاوز عدد الطلاب القادمين من خارج محافظة أوكيناوا، والبالغ نسبتهم أكثر من 60% من إجمالي عدد الطلاب هذا العام، عدد الطلاب المحليين. العديد منهم انتقلوا تحديداً من مدارس معتمدة من البكالوريا الدولية في العاصمة طوكيو.
المدرسة نفسها تضم حاليًا حوالي 220 طالبًا تتراوح أعمارهم بين 3 و 18 عامًا، موزعين على حرمين جامعيين: أحدهما في ناها للمرحلة ما قبل المدرسة والروضة، والآخر في نانغو للمراحل التعليمية اللاحقة. تتمثل مهمة المدرسة في إعداد قادة عالميين قادرين على التفوق في مختلف المجالات على المستوى الدولي.
جائحة كورونا وتوجه العائلات نحو أوكيناوا
لعبت جائحة كورونا دورًا محوريًا في زيادة الطلب على مدرسة أوكيناوا الدولية. مع انتشار العمل عن بعد، بدأت العديد من العائلات في البحث عن بيئات معيشية أكثر هدوءًا وأقل تكلفة، ووجدت في محافظة أوكيناوا الوجهة المثالية. تزايدت الاستفسارات حول الانتقال إلى أوكيناوا بهدف تعليم الأبناء، خاصةً بعد أن حققت أول دفعة من خريجي المرحلة الثانوية نتائج ممتازة في اختبار البكالوريا الدولية عام 2022، حيث سجلوا ثاني أعلى متوسط درجات على مستوى اليابان من بين حوالي 70 مدرسة معتمدة.
وهناك نمط ملحوظ في هجرة العائلات. في كثير من الأحيان، تنتقل الأم والأطفال إلى أوكيناوا، بينما يظل الأب في طوكيو للعمل. كما أن هناك آباء يتمتعون بمرونة في ترتيبات عملهم، مما يسمح لهم بالتنقل بشكل منتظم بين المدينتين، وقد قرر البعض منهم الاستقرار بشكل كامل في أوكيناوا بعد قضاء فترات طويلة من العطلات هناك. التعليم الدولي أصبح عامل جذب رئيسي لهذه العائلات.
تكاليف معقولة وبيئة مريحة
يرى شوغو أوكوما، مدير مدرسة أوكيناوا الدولية، أن جاذبية أوكيناوا لا تقتصر على الأجواء الدولية وجمالها الطبيعي، بل تمتد لتشمل التكاليف المعقولة. ويقول: “على الرغم من التضخم وانخفاض قيمة الين، لا تزال تكاليف التعليم والمعيشة في أوكيناوا قابلة للمقارنة بتكاليف المعيشة في وسط طوكيو.”
تبلغ التكلفة السنوية للتعليم الابتدائي في مدرسة أوكيناوا الدولية حوالي 1.5 مليون ين (9600 دولار أمريكي)، بينما تبلغ تكلفة التعليم الإعدادي حوالي 1.8 مليون ين. على الرغم من أن هذه التكاليف أعلى من المدارس العامة، إلا أنها لا تزال أقل من معظم المدارس الدولية في طوكيو.
بالإضافة إلى ذلك، يشير أوكوما إلى أن العائلات التي انتقلت إلى أوكيناوا أعربت عن تقديرها للأجواء الأكثر استرخاءً وانفتاحًا. وقد نقلت المدرسة عن أحد الآباء قوله: “على عكس طوكيو، لا نشعر بأن الآباء الآخرين يحكمون علينا بناءً على مكان إقامتنا أو ملابسنا.” وصفها أب آخر بأنها “حياة بلا ضغوط”.
التسجيل المزدوج وتسهيل الإجراءات
لتجنب أي تعقيدات قانونية، يختار العديد من الآباء اليابانيين نظام التسجيل المزدوج، حيث يتم تسجيل أطفالهم في كل من مدرسة دولية ومدرسة عامة محلية في الوقت نفسه. وعلى الرغم من أن الموافقة على هذا النظام تخضع لتقدير المجلس التعليمي المحلي، إلا أن البلديات في محافظة أوكيناوا تميل إلى الموافقة عليه من حيث المبدأ.
استجابة المدرسة للطلب المتزايد
استجابة للطلب المتزايد على التعليم الدولي في أوكيناوا، شاركت مدرسة أوكيناوا الدولية في معرض تعليمي مهم في طوكيو عام 2024، جمع بين المدارس الدولية والخاصة من جميع أنحاء البلاد. كما أطلقت المدرسة موقعًا إلكترونيًا خاصًا بدعم الإسكان، بالتعاون مع وكلاء عقارات محليين، بهدف تسهيل عملية “الانتقال لأغراض التعليم” للعائلات الجديدة. وقد أثمرت هذه الجهود عن تلقي 173 استفسارًا من خارج محافظة أوكيناوا في العام نفسه، وهو ما يزيد عن ضعف عدد الاستفسارات الواردة من داخل المحافظة (77 استفسارًا).
مستقبل التعليم الدولي في أوكيناوا
تشير كل المؤشرات إلى أن محافظة أوكيناوا ستواصل جذب المزيد من العائلات الباحثة عن تعليم دولي عالي الجودة بتكلفة معقولة. مع استمرار نمو شعبية برنامج البكالوريا الدولية، وتزايد الوعي بأهمية التعليم العالمي، من المتوقع أن تلعب مدرسة أوكيناوا الدولية دورًا رائدًا في تشكيل مستقبل التعليم في المنطقة. الاستثمار في التعليم، وتوفير بيئة تعليمية محفزة، والتركيز على تطوير مهارات القيادة لدى الطلاب، هي عوامل أساسية ستضمن استمرار نجاح أوكيناوا كوجهة تعليمية متميزة.


