كأس العرب: ضغط الترشيحات يعيق منتخبات شمال أفريقيا بينما تستعد منتخبات غرب آسيا للمونديال

شهدت النسخة الحالية من كأس العرب المقامة في قطر تطورات مثيرة، وكشفت عن تباين كبير في الاستعدادات والأهداف بين المنتخبات المشاركة. فقد أشار عدد من الإعلاميين إلى أن المبالغة في ترشيح المنتخبات العربية الإفريقية للفوز بالبطولة أدت إلى ضغط نفسي كبير أثر سلبًا على أدائها في دور المجموعات، بينما تبدو مشاركة منتخبات غرب آسيا، تحديدًا تلك المؤهلة لـ كأس العالم 2026، كاستعداد مبكر ومهم للمحفل العالمي. هذه التناقضات تثير تساؤلات حول جدية الطموحات وواقعية التوقعات في كرة القدم العربية.

تأثير ضغط الترشيحات على أداء المنتخبات العربية الإفريقية

خرج منتخب تونس كأول المتأثرين بهذا الضغط، حيث ودع البطولة مبكرًا، مما شكل مفاجأة للكثيرين. أما المنتخب المصري، الذي يعتبر من أبرز المرشحين تاريخيًا في البطولات العربية، فقد وجد نفسه في موقف صعب، مكتفيًا بنقطتين من مباراتين، ويصارع من أجل حجز مقعد من أجل التأهل.

الإعلامي التونسي زياد عطية أوضح أن أغلب المنتخبات العربية الإفريقية لم تخطط أو تستعد بشكل كافٍ لتحقيق اللقب. وأضاف: “المقارنة بين منتخبات غرب آسيا المشاركة بتشكيلاتها الأساسية، وبين الصف الثاني لمنتخبات شمال أفريقيا، ليست دقيقة. فالمنتخبات تعتمد على عوامل عديدة، منها المعنويات والاستعداد البدني والنفسي.” وأشار عطية إلى أن عدم المشاركة بالتشكيلة الأساسية يمثل فرصة ضائعة للاحتكاك وتقييم الجاهزية.

المنتخبان الجزائري والمغربي تمكنا من تجاوز صعوبات دور المجموعات، ولكنهما لم يفعلا ذلك بسهولة، مما يؤكد أن الضغط النفسي كان له أثر واضح على أدائهما. فالترشيحات المسبقة، وإن كانت تحمل في طياتها دعمًا وتشجيعًا، إلا أنها قد تتحول إلى عبء ثقيل على اللاعبين، خاصةً في ظل المنافسة الشديدة.

غرب آسيا: محطة انطلاق نحو كأس العالم

على الجانب الآخر، يرى الإعلاميون أن مشاركة منتخبات السعودية والأردن وقطر، المؤهلة بالفعل لـ مونديال 2026، في كأس العرب تمثل فرصة ذهبية للاستعداد المبكر. فالاحتكاك في بطولة رسمية، بمستوى تنافسي جيد، يتيح لهم اختبار التشكيلات المختلفة، ورفع مستوى الانسجام بين اللاعبين، وتحديد نقاط القوة والضعف.

محمد هشبول، الإعلامي السعودي، أكد أن مشاركة المنتخب السعودي بالصف الأول كانت قرارًا صائبًا. وقال: “كأس العرب فرصة ممتازة للإعداد للمونديال المقبل، خاصةً لمنتخبات السعودية والأردن وقطر والعراق (في حال تأهله). نحن نطمح للفوز بالبطولة، خاصةً وأننا لم نحقق أي لقب منذ أكثر من 20 عامًا.”

وأضاف هشبول أن المسؤولين في الكرة السعودية شعروا بالندم لمشاركة فريق احتياطي في نسخة 2021، مما دفعهم إلى تغيير الاستراتيجية في النسخة الحالية. فالهدف ليس فقط تحقيق الفوز، بل بناء فريق قوي ومتماسك قادر على المنافسة في كأس العالم.

الفرق بين الاستعدادات: عامل حاسم في النتائج

التباين في الاستعدادات بين المنتخبات العربية الإفريقية ومنتخبات غرب آسيا يمثل عاملًا حاسمًا في النتائج. فمنتخبات غرب آسيا، التي لديها هدف واضح وهو الاستعداد للمونديال، استثمرت في البطولة بشكل كامل، وشاركت بأفضل اللاعبين لديها، بينما بدت منتخبات شمال أفريقيا أقل تركيزًا، واعتمدت على بعض اللاعبين الأساسيين مع إعطاء الفرصة لآخرين.

محمد وليد مرجاني، الإعلامي الجزائري، أشار إلى أن كثرة التصريحات التي رشحت المنتخبات العربية الإفريقية للفوز بالبطولة رفعت سقف التوقعات بشكل مبالغ فيه وأثرت عليها سلبًا. وأضاف: “المشاركة بتشكيلة أساسية في بطولة رسمية مثل كأس العرب تعتبر أفضل بكثير من خوض المباريات الودية، لأنها توفر بيئة تنافسية حقيقية تساعد على تطوير اللاعبين ورفع مستوى الأداء.”

الخلاصة: دروس مستفادة وتطلعات مستقبلية

كأس العرب الحالية تقدم دروسًا مهمة للجميع. فالضغط النفسي يمكن أن يكون له تأثير كبير على أداء اللاعبين، وأن الاستعداد الجيد هو مفتاح النجاح. كما أنها تؤكد على أهمية تحديد الأهداف بوضوح، والاستثمار في بناء فريق قوي ومتماسك.

منتخبات غرب آسيا تستفيد بشكل كبير من هذه البطولة كجزء من برنامجها الإعدادي لـ مونديال 2026، بينما تحتاج منتخبات شمال أفريقيا إلى إعادة تقييم استراتيجياتها، والتركيز على الاستعداد الجيد للبطولات القادمة، بما في ذلك بطولة أمم أفريقيا القادمة. الكرة العربية لديها الكثير من الإمكانات، ولكنها تحتاج إلى تخطيط سليم، وعمل دؤوب، وثقة بالنفس لتحقيق النجاح المنشود. هل ستتعلم المنتخبات العربية من أخطائها، وتستعد بشكل أفضل للمحافل القادمة؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.

شاركها.
Exit mobile version