أعرب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، يوم الجمعة، عن أولوية بلاده القصوى في السودان، وهي تحقيق هدنة إنسانية مع بداية العام الجديد. تأتي هذه الجهود في ظل استمرار الاشتباكات العنيفة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والتي تسببت في أزمة إنسانية حادة. وتكشف تصريحات روبيو عن انخراط واشنطن المكثف في الدبلوماسية الإقليمية، بالتعاون مع دول رئيسية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر والمملكة المتحدة، بهدف تخفيف المعاناة الإنسانية في السودان.
جهود أمريكية إقليمية للوصول إلى هدنة إنسانية في السودان
أكد روبيو، خلال مؤتمر صحفي في واشنطن، أن الهدف الفوري للإدارة الأمريكية هو الوصول إلى وقف للأعمال العدائية. وأوضح أن هذا الهدف تم التأكيد عليه خلال اتصالاته مع مسؤولين في كل من الإمارات والسعودية، مشيراً إلى أن المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى السودان، مسعد بولس، عاد مؤخراً من المنطقة بعد اجتماعات مكثفة مع المسؤولين في مصر والسعودية والإمارات. وأضاف أن الولايات المتحدة تعمل بتنسيق وثيق مع المملكة المتحدة لتحقيق هذا الهدف. وتشير هذه التحركات إلى إدراك واشنطن لأهمية التعاون الإقليمي في حل الأزمة السودانية.
أبعاد إقليمية للصراع وتدخلات خارجية
أشار وزير الخارجية الأمريكي إلى أن الأزمة في السودان تتجاوز حدودها الداخلية، وتتسم بأبعاد إقليمية واضحة. وأوضح أن كلا الطرفين المتنازعين يتلقيان دعماً من جهات خارجية، مؤكداً أن هناك دولاً منخرطة في الصراع، ليس فقط من خلال توفير الأسلحة والمعدات، بل أيضاً من خلال تسهيل عمليات النقل والتمرير، خاصة لقوات الدعم السريع، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة. هذا التأكيد على التدخلات الخارجية يلقي الضوء على تعقيد الأزمة ويبرز الحاجة إلى جهود دبلوماسية أوسع نطاقاً.
أولوية إنسانية وتحديات التنفيذ
شدد روبيو على أن إبرام هدنة إنسانية مع بداية العام الجديد هو الهدف الرئيسي للولايات المتحدة، بهدف السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى السكان المحتاجين وتقديم المساعدات الضرورية. وأعرب عن قلقه إزاء استهداف القوافل الإنسانية، مشيداً في الوقت نفسه بالتزام العاملين في المجال الإنساني الذين يواصلون عملهم رغم المخاطر. وأضاف أن ما يحدث في السودان “فظيع”، وأن الحقيقة الكاملة ستنكشف في نهاية المطاف، وأن كل من شارك في ذلك سيتحمل المسؤولية.
مرحلة أولى للهدنة الإنسانية ورؤية مستقبلية
أوضح روبيو أن واشنطن تسعى إلى اتفاق ينص على مرحلة أولى تتمثل في هدنة إنسانية للتعامل مع الكارثة الإنسانية القائمة. وأعرب عن الأمل في أن تسمح هذه الهدنة بالتركيز على معالجة الأسباب الجذرية للصراع. وأضاف أن الأولوية القصوى حالياً هي تحقيق هذه الهدنة في أسرع وقت ممكن، معتبراً أن العام الجديد والعطلات المقبلة تشكل فرصة مناسبة لكلا الطرفين للاتفاق على ذلك. هذا النهج التدريجي يعكس رغبة الولايات المتحدة في بناء الثقة والعمل نحو حل مستدام.
عقبات أمام التوصل إلى اتفاق والتزام الأطراف
أقر وزير الخارجية الأمريكي بوجود تحديات وعقبات أمام التوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أن أحد الطرفين أو كليهما يميل إلى عدم الوفاء بالتعهدات التي يقطعونها. وأوضح أن هذا غالباً ما يحدث عندما يشعر أحد الطرفين بأنه يحقق تقدماً ميدانياً، مما يجعله أقل استعداداً لتقديم تنازلات. ومع ذلك، أكد روبيو أن أياً من الطرفين لا يمكنه الاستمرار دون الدعم الخارجي الذي يتلقاه. هذا التحذير يهدف إلى الضغط على الأطراف المتنازعة لإعادة النظر في مواقفها والالتزام بالاتفاقات.
رسالة الاتحاد الأفريقي ودعم السودان
في سياق متصل، تسلّم رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، رسالة خطية من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، وذلك خلال استقباله لمبعوث الاتحاد الأفريقي إلى السودان، محمد بلعيش. تناولت الرسالة سبل تعزيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لدعم أمن واستقرار السودان، وأكدت التزام الاتحاد الأفريقي بسيادة السودان ووحدته، ورفض أي مؤسسات موازية، مع الدعوة إلى حل سياسي سلمي عبر حوار وطني شامل. هذا الدعم الأفريقي يعزز الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة السودانية.
باختصار، تظهر تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو التزام الولايات المتحدة القوي بالعمل مع الشركاء الإقليميين لتحقيق هدنة إنسانية في السودان. على الرغم من التحديات القائمة، فإن واشنطن تواصل الضغط على الأطراف المتنازعة للوفاء بالتزاماتها والعمل نحو حل سلمي للأزمة. إن نجاح هذه الجهود سيعتمد على التعاون الإقليمي والدولي، وعلى استعداد الأطراف السودانية لتقديم تنازلات من أجل مصلحة شعبهم. لمزيد من المعلومات حول تطورات الأزمة في السودان، يمكنكم متابعة آخر الأخبار والتحليلات.


