أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، عن فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة نوابغ العرب لعام 2025 في فئة العلوم الطبيعية. هذا الإعلان يمثل تقديرًا كبيرًا للإسهامات العلمية الرائدة التي قدمها البروفيسور شرقي، والتي أحدثت ثورة في فهمنا لتفاعلات الضوء مع المادة، وفتحت آفاقًا جديدة في مجالات متعددة. تأتي هذه الجائزة في سياق حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على دعم وتشجيع العلماء والمبدعين العرب، وتعزيز مكانة المنطقة كمركز للإبداع والابتكار العلمي.
البروفيسور ماجد شرقي: رائد في دراسة تفاعلات الضوء والمادة
البروفيسور ماجد شرقي، الأستاذ الفخري في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، كرس حياته المهنية لاستكشاف الأبعاد الجزيئية الدقيقة والحركات فائقة السرعة التي تحدث داخل الجزيئات والمواد. وقد تمكن من تحقيق ذلك من خلال تطوير تقنيات متطورة، مثل تقنيات الأشعة السينية فائقة السرعة، والتي تسمح للعلماء بدراسة هذه التفاعلات بدقة غير مسبوقة. هذه التقنيات لم تساهم فقط في توسيع المعرفة العلمية، بل أدت أيضًا إلى تطبيقات عملية مهمة في مجالات متنوعة مثل الكيمياء والفيزياء وعلوم المواد والطاقة المتجددة.
تطوير تقنيات الأشعة السينية فائقة السرعة
يعتبر تطوير تقنيات الأشعة السينية فائقة السرعة من أبرز إنجازات البروفيسور شرقي. هذه التقنيات مكنت العلماء من رصد التغيرات التي تحدث في المواد على مستوى الفيمتوثانية (جزء من مليون مليار جزء من الثانية)، مما يوفر رؤى جديدة حول العمليات الكيميائية والفيزيائية الأساسية. كما ساهم في ابتكار أدوات بحثية متطورة، مثل تقنيات الأشعة فوق البنفسجية ثنائية الأبعاد وثنائية الانكسار الدائري فائق السرعة، مما عزز قدرة الباحثين على دراسة الأنظمة الحيوية المعقدة والمواد الصلبة المتقدمة.
من بين الأدوات الرائدة التي ابتكرها البروفيسور شرقي، يبرز مطياف الأشعة السينية فائقة السرعة. هذه الأداة تسمح بالتقاط الإشارات والإحداثيات بشكل فوري ودقيق للغاية، مما يتيح الوصول إلى مناطق طيفية لم تكن معروفة من قبل. وهي ذات أهمية خاصة في دراسة أكاسيد المعادن الانتقالية ذات فجوات النطاق العريض، والتي تعتبر مواد واعدة في تطبيقات الطاقة.
أبحاث البروفيسور شرقي وتطبيقاتها المستقبلية
لا يزال البروفيسور شرقي يواصل أبحاثه الرائدة، حيث يركز حاليًا على استخدام الأشعة السينية غير الخطية لدراسة المواد الشمسية. تهدف هذه الأبحاث إلى فهم كيفية امتصاص المواد الشمسية للضوء وتحويله إلى طاقة، مما قد يؤدي إلى تطوير خلايا شمسية أكثر كفاءة. بالإضافة إلى ذلك، يساهم البروفيسور شرقي في تطوير ليزر الإلكترونات الحرة بالأشعة السينية (XFEL)، وهو مشروع بحثي ضخم يهدف إلى إنشاء مصدر أشعة سينية فائق القوة يمكن استخدامه في مجموعة واسعة من التطبيقات العلمية والتكنولوجية.
تُظهر إحصائيات الأبحاث العلمية للبروفيسور شرقي تأثيره العالمي الكبير، حيث نشر أكثر من 450 بحثًا علميًا وحقق ما يزيد عن 23 ألف استشهاد علمي من مختلف أنحاء العالم. هذا يؤكد مكانته كواحد من أكثر العلماء تأثيرًا في مجالات المطيافية فائقة السرعة وعلوم المواد والطاقة.
جائزة نوابغ العرب: تكريم العقول العربية المتميزة
أعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن تهنئته للبروفيسور شرقي، مؤكدًا أن الحضارات لا تعيش على أمجادها، بل تتجدد بعلمائها في الحاضر. وأضاف سموه أن البروفيسور شرقي قدّم إسهامات علمية رائدة في رصد الحركة فائقة السرعة على المستوى الذري، وأن جائزة نوابغ العرب تأتي لتؤكد أن الحاضر العربي يحمل أسماء لا تقل أثرًا وطموحًا عن الماضي.
وقد أجرى معالي محمد بن عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة نوابغ العرب، اتصالاً مرئيًا بالبروفيسور شرقي لإبلاغه بفوزه بالجائزة. وأشاد القرقاوي بإنجازات البروفيسور شرقي، مؤكدًا أنه سيظل قامة علمية ملهمة للشباب العربي الطامح إلى توظيف العلوم في خدمة التنمية والتقدم.
تأسيس جائزة نوابغ العرب يمثل مبادرة تاريخية تهدف إلى ملء فراغ كبير في المشهد العربي، وتقديم جائزة تقديرية شاملة تغطي مختلف فئات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والاقتصاد والآداب والفنون. وتعتبر هذه الجائزة بمثابة “نوبل العرب”، حيث تحتفي بإنجازات العقول العربية المتميزة وتسلط الضوء على دورها في دفع مسارات التنمية والتقدم الإنساني.
تجدر الإشارة إلى أن الدكتورة سعاد العامري قد فازت بجائزة نوابغ العرب في فئة العمارة والتصميم، والبروفيسور المصري عباس الجمل في فئة الهندسة والتكنولوجيا، مما يؤكد التنوع والإبداع في الأوساط العلمية العربية.


