أفادت دراسة حديثة بأن التلوث الضوئي الناتج عن الإضاءة الاصطناعية ليلاً بات يشكل تهديداً صامتاً لكوكب الأرض. وأوضحت الدراسة أن هذا النوع من التلوث يزيد من انبعاثات الكربون من النباتات والحيوانات في مختلف القارات، دون أن يقابل ذلك أي ارتفاع في كمية الكربون التي تمتصها هذه الكائنات.

## التلوث الضوئي وتأثيراته على دورة الكربون
عُرضت الدراسة، التي أجراها فريق من جامعة “كرانفيلد” البريطانية، ونشرتها دورية Nature Climate Change، خلال مؤتمر المناخ “كوب 30” المنعقد في البرازيل. وتوصلت الدراسة، التي اعتمدت على بيانات أقمار اصطناعية، و86 موقعاً لمراقبة تدفقات الكربون في أميركا الشمالية وأوروبا، إلى أن تأثيرات الإضاءة الصناعية ليلاً تمتد على نطاق قاري.

### تأثير الإضاءة الاصطناعية على النظم البيئية
وأوضحت المؤلفة الرئيسية للدراسة، أليس جونستون، المحاضرة الأولى في علم بيانات البيئة بجامعة كرانفيلد في بريطانيا، أن التلوث الضوئي يعد من أكثر التغيرات البيئية وضوحاً التي أحدثها الإنسان، إلا أن آثاره لا تزال خفية في معظمها. وأضافت أن “هذه الظاهرة آخذة في الانتشار، وهي تغير طريقة عمل النظم البيئية، وتعطل تدفق الطاقة، وسلوك الحيوانات، وأنماط حياتها وموائلها الطبيعية”.

## التلوث الضوئي وعلاقته بالاحترار العالمي
المؤلف المشارك في الدراسة، جيم هاريس، أستاذ تكنولوجيا البيئة، قال إن نحو ربع سطح اليابسة على الأرض يتعرض اليوم لمستوى من الإضاءة الاصطناعية ليلاً. وكشفت الدراسة أن الضوء الاصطناعي يعد أحد الملوثات الأسرع نمواً على وجه الأرض، إذ تزيد شدته وانتشاره على سطح اليابسة بنحو 2% سنوياً.

### ضرورة إدراج التلوث الضوئي في حسابات تغير المناخ
وأكد الباحثون أن هذا العامل، على الرغم من أهميته المتزايدة، لا يدرج في معظم النماذج المناخية وتقييمات التغير البيئي العالمية، داعين إلى ضرورة اعتباره عاملاً مناخياً مؤثراً إلى جانب تغير استخدامات الأراضي وغيرها من محفزات دورة الكربون. وحث فريق البحث على إدراج التلوث الضوئي ضمن حسابات تغير المناخ المستقبلية.

## حلول للحد من التلوث الضوئي
أشارت الباحثة إلى أن تلوث الضوء يمثل في الوقت نفسه أحد أسهل الملوثات القابلة للمعالجة، بخلاف الملوثات الكيماوية، أو الانبعاثات الغازية التي تحتاج إلى عقود من الجهود والسياسات الدولية. وقالت: “على عكس تغير المناخ، يمكننا الحد من التلوث الضوئي تقريباً بين ليلة وضحاها من خلال تحسين تصميم الإضاءة، واعتماد أنظمة أكثر ذكاءً وكفاءة”. ودعت جونستون إلى استخدام مصابيح قابلة للتعتيم، موجهة الاتجاه، وحساسة للطيف الضوئي.

## فوائد تقليل التلوث الضوئي
وأوضح فريق البحث أن قطاع الإضاءة مسؤول عن نحو 15% من استهلاك الكهرباء العالمي، وأن خفض التلوث الضوئي لا يحسن فقط من كفاءة الطاقة، بل يسهم في حماية صحة الإنسان والبيئة معاً. وأفاد الباحثون بأن معالجة التلوث الضوئي تمثل “فرصة نادرة لتحقيق فوز ثلاثي” يشمل البيئة وكفاءة الطاقة ورفاه الإنسان في آن واحد.

وفي الختام، أكدت الدراسة على أهمية معالجة التلوث الضوئي كجزء لا يتجزأ من استراتيجيات مواجهة تغير المناخ. ومن خلال تبني حلول بسيطة وفعالة، يمكن تحقيق تأثير إيجابي كبير على البيئة والمناخ العالمي.

شاركها.
Exit mobile version