أفادت دراسة حديثة بأن الأمراض المزمنة لم تعد تقتصر على البشر، بل باتت تمتد إلى الحيوانات في مختلف أنحاء العالم، من الكلاب والقطط إلى الأبقار البحرية والسلاحف، حيث سجلت زيادة مقلقة في معدلات الإصابة بأمراض السرطان، والسمنة، والسكري، والمفاصل التنكسية.

أسباب الارتفاع في الأمراض غير المعدية بين الحيوانات

أظهر تحليل شامل للبحوث المنشورة عن الأمراض المزمنة في الحيوانات أن العوامل الوراثية تجعل بعض الفئات الحيوانية أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض. كشفت الدراسة أن الكلاب والقطط التي خضعت لتربية انتقائية بغرض تحسين مظهرها، وكذلك الماشية التي جرى تعديلها وراثياً لتعزيز إنتاجيتها، تظهر معدلات أعلى من الإصابة بمرض السكري وأمراض صمامات القلب.

دور التربية الانتقائية والتعديل الوراثي

أكدت الدراسة أن العوامل البيئية وسوء التغذية وقلة النشاط البدني والتوتر المزمن تؤثر جميعها على نشوء وتطور الأمراض المزمنة في أنواع متعددة من الحيوانات. وأوردت أمثلة عدة، منها السمنة المنتشرة بين القطط المنزلية، وسرطانات الجهاز الهضمي لدى الحيتان البيضاء، والتهاب المفاصل التنكسي بين الأبقار والخنازير، ومتلازمة اعتلال عضلة القلب لدى أسماك السلمون الأطلسية المستزرعة.

تأثير التغيرات البيئية على صحة الحيوانات

كشفت الدراسة أن التغيرات البيئية الناجمة عن الأنشطة البشرية تزيد من حدة ومدة التعرض للعوامل الضارة، ما يسهم في تفاقم الأمراض المزمنة بين الحيوانات. وأوضحت أن التحضر السريع، واضطراب المناخ، وتحول استخدام الأراضي، وفقدان التنوع البيولوجي كلها عوامل تزيد من هشاشة النظم البيئية وصحة الحيوانات على حد سواء.

أمثلة على تأثير التغيرات البيئية

أظهرت البيانات أن ارتفاع درجات حرارة المحيطات وتدهور الشعاب المرجانية يرتبطان بزيادة في معدلات الأورام لدى السلاحف البحرية والأسماك، بينما يؤدي التحضر والإجهاد الحراري إلى ارتفاع معدلات السمنة والسكري بين الحيوانات الأليفة في المدن. ورصدت الدراسة علاقة بين تلوث الهواء الحضري والجريان الكيميائي السطحي وبين اضطرابات الغدد الصماء والمناعة في الطيور والثدييات.

أهمية البحث المشترك بين الطب البشري والبيطري

أشارت الباحثة الرئيسية للدراسة، أنطونيا ماتاراجكا، إلى أن تسارع التغيرات البيئية يخلق بيئة مواتية لظهور الأمراض المزمنة في الحيوانات، بينما يفاقم غياب أنظمة التشخيص المبكر المشكلة. وأوضحت أن المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية توفر بيانات واسعة عن الوفيات البشرية الناجمة عن الأمراض المزمنة، لكن الإحصاءات المماثلة المتعلقة بالحيوانات لا تزال محدودة للغاية.

الاستنتاج والتوصيات

أوصت الدراسة بإنشاء قواعد بيانات موحدة تشبه تلك التي تديرها منظمة الصحة العالمية للبشر، بحيث تتيح تتبع تطور الأمراض المزمنة في الحيوانات وتحديد مناطق الخطر حول العالم. وأكدت أن فهم أسباب الارتفاع في الأمراض غير المعدية بين الحيوانات أمر أساسي لصحة الحيوان والإنسان على حد سواء، خاصة في ظل نقص الأبحاث متعددة التخصصات التي تتناول هذه الظاهرة المتنامية.

إن الأمراض المزمنة في الحيوانات يمكن أن تكون إنذاراً لمشكلات بيئية وصحية أوسع تؤثر في البشر أيضاً، مثل التلوث الغذائي أو اضطرابات المناخ التي تخل بتوازن النظم البيئية. وأفادت بأن الحيوانات التي تتعرض للإجهاد الحراري أو التلوث الكيميائي تظهر تغيرات هرمونية واستقلابية شبيهة بتلك التي لوحظت لدى البشر المصابين بالسكري أو أمراض القلب.

شاركها.
Exit mobile version