في إطار رؤيتها الطموحة لدعم النهضة الثقافية وتعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي للمعرفة، أطلقت مكتبة محمد بن راشد كتابًا جديدًا بعنوان «الثقافة ودورها في بناء المجتمع: تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة». يمثل هذا الإصدار إضافة نوعية للمكتبة العربية، ويؤكد على أهمية الثقافة في بناء المجتمع، ويسلط الضوء على مسيرة الإمارات في الاستثمار في هذا المجال الحيوي. يأتي هذا الكتاب ضمن مبادرات “عام المجتمع 2025” الذي يحمل شعار “يداً بيد”، ويعكس التزام الدولة الراسخ بتنمية الإنسان وتعزيز التماسك الاجتماعي.

رؤية الإمارات الثقافية: استثمار في الهوية والمستقبل

يعتبر هذا الكتاب بمثابة توثيق شامل للجهود المبذولة في دولة الإمارات لتعزيز دور الثقافة في بناء المجتمع، بدءًا من رؤية القيادة الرشيدة وصولًا إلى المبادرات العملية التي تهدف إلى تنمية الوعي الثقافي والإبداع. لم يكن هذا الإصدار مجرد جهد فردي، بل ثمرة تعاون بين تسعة من أبرز المثقفين والأكاديميين الإماراتيين، الذين قدموا رؤى متكاملة حول هذا الموضوع الهام. ويتماشى هذا العمل مع المسار الوطني الطموح الذي بدأ بـ “رؤية الإمارات 2021” وتواصل مع “نحن الإمارات 2031” وصولًا إلى “مئوية الإمارات 2071”.

دور القيادة الرشيدة في دعم الثقافة

يؤكد الكتاب على الدور المحوري للقيادة الرشيدة في إدراك أهمية الثقافة كركيزة أساسية للتنمية المستدامة. فقد ترجمت هذه الرؤية إلى سياسات ومؤسسات فاعلة، تعمل على دعم الإبداع والفنون والآداب، وتشجيع الحوار الثقافي والتفاعل بين الحضارات. كما يبرز الكتاب أهمية الاستثمار في المحتوى المعرفي الذي يعزز الهوية الوطنية ويساهم في بناء جيل واعٍ ومثقف.

المؤسسات الثقافية: شراكة بين القطاعين العام والخاص

لا يقتصر دور الثقافة في دولة الإمارات على جهود الحكومة فقط، بل يشمل أيضًا مساهمات المؤسسات الثقافية غير الحكومية والقطاع الخاص. يشير الكتاب إلى أهمية هذه الشراكة في إثراء المشهد الثقافي الوطني، وتقديم مبادرات متنوعة تلبي احتياجات المجتمع المختلفة. كما يولي الكتاب اهتمامًا خاصًا بدور المكتبات العامة، وفي مقدمتها مكتبة محمد بن راشد، في دعم ثقافة القراءة وتشجيع التعلم المستمر. تعتبر هذه المكتبات فضاءات حيوية للتلاقي الثقافي وتبادل الأفكار والمعرفة.

التعليم والإعلام كأدوات لنشر الوعي الثقافي

يلقي الكتاب الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه التعليم والإعلام في نشر الوعي الثقافي وتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع. ويؤكد على أهمية تطوير المناهج التعليمية لتشمل محتوى ثقافيًا غنيًا ومتنوعًا، بالإضافة إلى تشجيع الأنشطة الثقافية واللامنهجية التي تساهم في تنمية المواهب والإبداعات لدى الطلاب. كما يشدد على مسؤولية وسائل الإعلام في تقديم برامج ومحتوى ثقافي هادف، يعكس التراث الإماراتي الغني ويساهم في بناء هوية وطنية قوية.

الثقافة الإماراتية في السياسة الخارجية والتحولات الرقمية

يتناول الكتاب أيضًا بعدًا آخر لأهمية الثقافة في بناء المجتمع، وهو دورها في تعزيز مكانة دولة الإمارات على الساحة الدولية. ويستعرض كيف تستخدم الإمارات الدبلوماسية الثقافية كأداة قوية لتعزيز العلاقات مع الدول الأخرى، ونشر قيم التسامح والتعايش السلمي. كما يناقش الكتاب تأثير التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي على المشهد الثقافي الوطني، والفرص والتحديات المرتبطة بهذه التقنيات الجديدة. ويؤكد على أهمية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تطوير المحتوى الثقافي وتقديمه بطرق مبتكرة وجذابة للجمهور. ويعتبر هذا التوجه ضروريًا لمواكبة التطورات العالمية والحفاظ على مكانة الإمارات كمركز رائد للابتكار والإبداع.

القوة الناعمة والتمسك بالهوية

أشار الدكتور سعيد حسن علي في حفل الإطلاق إلى أن الثقافة تمثل أحد أهم مصادر القوة الناعمة للدولة، مؤكدًا على دور الإمارات في صون التراث الحضاري الإنساني من خلال دعم مشاريع التنقيب والترميم في العديد من الدول. كما سلط الضوء على أهمية اللغة العربية كعنصر أساسي في الهوية الثقافية الإماراتية، مشيدًا بمبادرة تحدي القراءة العربي وأثرها الإيجابي في تشجيع القراءة والمعرفة لدى الأجيال الجديدة.

شهادات من المؤلفين: رؤى متكاملة حول الثقافة والمجتمع

أكد الكاتب والإعلامي علي عبيد الهاملي أن أهمية الكتاب تكمن في ربطه بين الثقافة في بناء المجتمع، وهو أمر لم يتم التطرق إليه بشكل كافٍ في السابق. وأشار إلى أن المؤسسات الثقافية في الإمارات لم تكن مجرد مبادرات عشوائية، بل كانت نتاج دعم ورعاية القيادة للجانب الثقافي. من جانبه، أوضح الدكتور محمد سالم المزروعي أن الكتاب يقدم تجربة فكرية فريدة تعكس مسيرة الإمارات في بناء مجتمع يقوم على الشراكة والانفتاح والإبداع. كما أكدت الدكتورة بديعة خليل الهاشمي على مرونة الثقافة الإماراتية وانفتاحها على الثقافات الأخرى، وقدرتها على التكيف مع التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي.

في الختام، يمثل كتاب «الثقافة ودورها في بناء المجتمع: تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة» مرجعًا هامًا للباحثين والمثقفين وصناع القرار، ويوفر رؤى قيمة حول أهمية الثقافة في تحقيق التنمية المستدامة وبناء مجتمع متماسك وواثق بهويته. ويشجع هذا الإصدار على مواصلة الاستثمار في الثقافة والإبداع، وتعزيز دور الإمارات كمركز إقليمي وعالمي للمعرفة. يمكن للراغبين في التعمق في هذا الموضوع الاطلاع على الكتاب من خلال مكتبة محمد بن راشد أو عبر المنصات الرقمية المتاحة. كما ندعوكم للمشاركة في الحوارات الثقافية التي تنظمها المكتبة، والتعبير عن آرائكم وأفكاركم حول مستقبل الثقافة في دولة الإمارات.

شاركها.
Exit mobile version