البلاستيك، والحديد، والورق، والطين، وغيرها من الوسائط المستدامة، شكلت المادة الأساسية لأغلبية الأعمال التي عرضت أول من أمس، ضمن النسخة الـ16 من «أمسيات ليالي الفن» التي نظمت في قرية البوابة بمركز دبي المالي العالمي، تحت شعار «تعابير فنية نحو تحقيق التغيير المستدام». وجسدت الأعمال المطروحة في هذه النسخة من «ليالي الفن»، والتي تنظم قبيل انعقاد «كوب 28»، مفاهيم الاستدامة والوعي البيئي ومحاولة التغيير الإيجابي من خلال الفن، إذ كانت تحاكي قضايا التغيير المناخي والأعباء التي يتركها الإنسان على البيئة.

رسالة كبيرة

وحول ارتباط هذه النسخة بالاستدامة، تحدث الرئيس التنفيذي للعقارات في مركز دبي المالي العالمي للاستثمارات، صالح العقربي، لـ«الإمارات اليوم»، وقال: «تتوجه الدولة نحو الاستدامة، ولهذا عملنا على أن يكون التوجه الرئيس للمعرض نحو مفاهيم البيئة والاستدامة، وقد جمعت هذه النسخة أعمالاً مستدامة لأكثر من 50 مشاركاً من الإمارات ودول الخليج، وكذلك من دول العالم». وأضاف: «الفن يحمل رسالة كبيرة، وجدير بالتعبير عن القضايا الملحة، كما أنه يلامس الجمهور ويترك أثراً كبيراً فيه، ولهذا اخترنا الأعمال التي ركزت على بعض القضايا البيئية التي يهملها الناس». وأوضح أن الفنانين استخدموا الكثير من المواد التي ترسخ مفهوم الاستدامة أو إعادة التدوير، منوهاً بأن فعالية «ليالي الفن» تتطوّر باستمرار، وباتت تقدم مرتين في العام ولمدة يومين، وهذا التوسّع في الفعالية يشهد نمواً يترافق مع نمو سوق الفن في دبي.

أعمال تركيبية

وشارك في هذه النسخة الثنائي الإماراتي سعيد المدني وأحمد العطار، وعرضا تركيبة ديناميكية تستكشف العلاقة المعقدة بين التراث الثقافي والتكنولوجيا من خلال التمور. كما عرضت منحوتة لكاشير مير، ويظهر من خلالها كيف يمكن تحويل القمامة إلى منحوتات خطية مجردة، إضافة إلى عرض فني حي لفن الإبرو للفنانة دانييلا وحيد، وسوق فني يجمع أعمالاً متنوّعة بين الطين والرسم والتصاميم والمجوهرات.

وقام العديد من الأعمال على مفهوم الاستدامة من حيث المواد، ومن بينها أعمال طلاب جامعة عجمان، الذين صاغوا أعمالاً تحاكي الطبيعة من بقايا البلاستيك والورق. وتحدثت المحاضرة في الجامعة هديل البسطامي عن مشروع الطلاب، وقالت: «استخدم طلاب السنة الأولى في قسم التصميم الداخلي، بقايا البلاستيك والأوراق والكرتون والقوارير البلاستيكية وكونوا منها اللوحات التي تجسد صوراً من الطبيعة، وتبرز المشكلة التي تهددها، ومنها مثلاً الشعب المرجانية التي جسدت من خلال البلاستيك الذي يعتبر من أكثر المواد المؤذية للشعب المرجانية». ونوهت بأن الطلاب حرصوا على استخدام مواد متنوّعة ومنها أكياس التسوّق الورقية، والكرتون، وكبلات وأزرار الحواسيب، موضحة أن التوجه للاستدامة أساسي في التدريس، وأن التوجه إلى التصاميم المستدامة بخطة مدروسة منذ البدء لا يحمل تحديات كبيرة.

قطع سيارات

أمّا المهندسة الإيرانية محصة أشاييري، فقد صاغت آلات موسيقية ومجسمات ضخمة من قطع السيارات، ولفتت إلى أن البيئة تشغلها كثيراً، ولهذا تسعى إلى تقديم أعمال تسهم في نشر الوعي حول أهمية الحفاظ على البيئة والطبيعة، موضحة أنها تمكنت من صياغة الكثير من الجمال من خلال وسائط تحمل الصلابة والقوة. وشدّدت على أن صياغة مجسمات من قطع السيارات والدرّاجات الحديدية تحمل الكثير من التحديات، خصوصاً أن الآلات الخاصة بالعمل حادة وتتطلب الكثير من الدقة، معتبرة أن هذه المواد تملك صرخة قوية للحضور للتفكير جدياً بمفهوم إعادة التدوير ومنح المواد حياة جديدة من أجل حماية الكوكب.

الولادة والحياة

بينما قدم الفنان الهندي برومود نارينراو مفهوم الولادة والحياة من خلال الجنين الموضوع داخل بيضة مغطاة بأوراق الصحف، للتعبير عن رحلة الحياة من الماضي وحتى المستقبل بمواد مستدامة ومنها الورق والرمل والخشب. ولفت إلى أنه حرص على تقديم هذه الفكرة للتعبير عن حياة البشر القائمة على الأخبار المتداولة والمتناقلة التي تطال مختلف جوانب الحياة، بينما اختار المواد التي ترتبط بالبيئة من أجل تقديم أعمال تحاكي المستقبل في حماية البيئة.

احتباس حراري

في المقابل، قدمت الفنانة البرتغالية نيلزا يينغ مجموعة من المجسمات المصنوعة من السيراميك، التي ترصد من خلالها الاحتباس الحراري. ولفتت إلى أنها تعمدت التعبير عن الاحتباس الحراري من خلال المجسمات التي تتنقل من الألوان الباردة إلى الدافئة، مع تجسيد التأثير الذي يحمله الاحتباس الحراري على المحيطات، موضحة أن الفن في هذه الآونة لابد من أن يكون محملاً بالقضايا الملحة وقادراً على نشر الوعي حولها. وأشارت إلى أنها تعمل على مواد تنتمي إلى الطبيعة، مع الإشارة إلى أن الأعمال المعروضة تتطلب وقتاً طويلاً كي تنجز.

موسيقى من أجل الاستدامة

شارك طلاب من فرقة «ويند إنسمبل للمحترفين» التابعة لمركز الفنون الموسيقية، بعزف مقطوعات تنادي بحماية البيئة والاستدامة. وتحدثت مديرة مركز الفنون الموسيقية تالا بدري، لـ«الإمارات اليوم» عن هذه الرسالة، وقالت: «يقدم الطلاب الذين هم من فئة الشباب وتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاماً، خلال (ليالي الفن) مجموعة من المقطوعات التي تحمل عناوين البيئة وتتحدث عن المياه والطبيعة وحماية الكوكب». ولفتت إلى أن الفرقة بدأت بالتمرين على هذه المقطوعات منذ شهرين، لأنها ستقدم هذه المعزوفات ومجموعة أخرى من المقطوعات التي تحمل هذه المفاهيم والمشهورة على منصات التواصل الاجتماعي خلال «كوب 28»، معتبرة أن الموسيقى تملك القدرة على إيصال الكثير من الرسائل الإيجابية لأنها لغة عالمية.

 

شاركها.
Exit mobile version