يُعدّ الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية فرصة ذهبية لاستعادة الأمجاد وتأكيد الهوية، وللتذكير بأهمية الحفاظ على هذا الكنز الثقافي الذي يربطنا بأجدادنا ويشكل مستقبلنا. في كل 18 ديسمبر، تتجدد الدعوات لتعزيز مكانة اللغة العربية، ليس فقط كلغة تواصل، بل كلغة حضارة وفكر وابتكار. هذا العام، وفي ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها عالمنا، تزداد أهمية هذه المناسبة.
أهمية اللغة العربية: رؤية سمو الشيخة لطيفة بنت محمد
أكدت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، في كلمتها بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أن لغتنا هي مرآة هويتنا ووعينا الإنساني. شددت سموها على أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتعبير، بل هي حافظة لإرثنا الحضاري العريق، وناقلة لأفكار العلماء والشعراء والمفكرين عبر العصور. تُظهر كلمات سموها تقديرًا عميقًا للدور الذي لعبته اللغة العربية في بناء النهضة الإنسانية، وتأكيدًا على ضرورة مواكبة التطورات الحديثة للحفاظ على قوتها.
اللغة العربية: شعلة المعرفة عبر التاريخ
لطالما كانت اللغة العربية منارة للعلم والمعرفة، حيث ازدهرت في عصور الخلافة الإسلامية وأنتجت روائع في الأدب والشعر والفلسفة والعلوم. اختراعات واكتشافات عظيمة تم توثيقها ونشرها باللغة العربية، ثم ترجمت إلى لغات أخرى لتنير العالم. ومن أبرز هذه الإسهامات في مجالات الطب والرياضيات والفلك، مما يؤكد على الدور المحوري الذي لعبته اللغة العربية في إثراء المعرفة البشرية.
مواكبة العصر وتعزيز مكانة اللغة العربية
مع دخولنا عصر التكنولوجيا والتحول الرقمي، يصبح تعزيز حضور اللغة العربية في المجالات الرقمية أمرًا ضروريًا. شعار اليوم العالمي للغة العربية لعام 2025، “مسارات مبتكرة للغة العربية: سياسات وممارسات من أجل مستقبل لغوي أكثر شمولاً”، يعكس هذه الحاجة الملحة.
دور التعليم والتقنية والإعلام في تمكين اللغة العربية
أشارت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم إلى أن تمكين اللغة العربية يتطلب جهودًا متكاملة في التعليم والتقنية والإعلام. في التعليم، يجب تطوير المناهج الدراسية وتشجيع البحث العلمي باللغة العربية. أما في مجال التقنية، فيجب إيجاد حلول لتمكين استخدام اللغة العربية في مختلف التطبيقات والمنصات الرقمية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية. وفي الإعلام، ينبغي زيادة المحتوى العربي المتميز وتشجيع استخدام اللغة العربية الفصحى واللغات المحلية في البرامج الإخبارية والثقافية.
التحديات التي تواجه اللغة العربية وسبل التغلب عليها
تواجه اللغة العربية العديد من التحديات في العصر الحديث، بما في ذلك هيمنة اللغات الأجنبية في مجالات معينة، وضعف الاهتمام بتعلم اللغة العربية الفصحى بين الشباب، وانتشار الأخطاء اللغوية في وسائل الإعلام المختلفة. وللتغلب على هذه التحديات، يجب تبني سياسات لغوية واضحة، وتعزيز الوعي بأهمية اللغة العربية، وتشجيع الإبداع والابتكار في استخدامها. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري الاستثمار في تطوير أدوات وموارد لتعليم اللغة العربية، وتوفير فرص التدريب والتأهيل للمعلمين والباحثين.
نحو مستقبل مشرق للغة العربية
إن مستقبل اللغة العربية يعتمد على جهودنا المشتركة والتزامنا بالحفاظ عليها وتطويرها. يجب أن نسعى جاهدين لتعزيز استخدامها في جميع جوانب حياتنا، سواء في التعليم أو العمل أو الإعلام أو التواصل اليومي. علينا أيضًا أن نؤمن بقدرة لغتنا على مواكبة التطورات العالمية وصناعة المستقبل، وأن نستثمر في تطويرها وابتكار أساليب جديدة لتعليمها ونشرها. كما أن تعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية في مختلف الدول العربية أمر بالغ الأهمية لتحقيق هذا الهدف. إن النهوض باللغة العربية هو نهضة بالمجتمع العربي بأكمله، ورقيه ومستقبله.
ختامًا، الدعوة الموجهة في اليوم العالمي للغة العربية هي دعوة للعمل المشترك، ولصناعة مستقبل يزدهر فيه هذا الإرث العظيم. فلنحتفل بلغتنا، ولنعمل على تمكينها وتطويرها، ولنورثها للأجيال القادمة كرمز لهويتنا ووحدة أمتنا. شارك برأيك حول أفضل السبل لتعزيز استخدام اللغة العربية في حياتك اليومية، وساهم في إثراء هذا الحوار الهام.


