في عالمٍ يزدهر بالصور الحية واللحظات المؤثرة، تبرز جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي كمنارة إبداعية، تحتفي بعيونٍ ترى ما لا يراه الآخرون. الدورة الرابعة عشرة من الجائزة، التي حملت عنوان “القوة”، لم تكن مجرد مسابقة، بل كانت رحلة عبر عدسات مصورين من مختلف أنحاء العالم، استطاعوا من خلالها تجسيد معاني القوة في أبعادها المتنوعة، سواءً كانت قوة الطبيعة، أو قوة الإرادة الإنسانية، أو قوة التوثيق. هذا التقرير يسلط الضوء على بعض الفائزين المتميزين في هذه الدورة، ويكشف عن قصصهم الملهمة وراء الصور التي حصدت الجوائز.
فوز يترجم رحلة طويلة مع العدسة
الفوز بجائزة مرموقة كـ جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي يمثل تتويجاً لسنوات من العمل الدؤوب والشغف بالعدسة. العديد من الفائزين أكدوا أن هذه الجائزة ليست مجرد تقدير لمهاراتهم، بل هي حافز لمواصلة رحلتهم الإبداعية واستكشاف آفاق جديدة في عالم التصوير. إنها شهادة على التفاني والالتزام بتقديم أعمال فنية ذات تأثير عميق.
جماليات خفية في عالم الحشرات: عمار السيد أحمد
الإماراتي عمار السيد أحمد، حصد المركز الثالث في فئة القصة المصورة، من خلال عمله المتميز الذي يركز على تصوير الماكرو لأجنحة الحشرات. يقول عمار: “الفوز بالقصة المصورة يعد إنجازاً كبيراً، لاسيما أنه عبارة عن رواية قصة كاملة”. لقد سعى عمار إلى الكشف عن الجماليات الخفية التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، والتي تتجلى في تفاصيل أجنحة الحشرات الدقيقة.
بدأ عمار رحلته في عالم التصوير عام 2014، وانتقل من تصوير الطبيعة العامة إلى تصوير الماكرو بدافع التحدي وحبه لالتقاط كل ما هو جديد وخفي. على الرغم من رهابه من الحشرات، إلا أنه تغلب على هذه المخاوف ليقدم لنا صوراً مذهلة تكشف عن عالم مجهول. يخطط عمار الآن للتصوير في غابات الأمازون، معتبراً إياها المرحلة النهائية في مشروع تصوير الحشرات، نظراً لتنوعها البيولوجي الهائل. يواجه عمار خلال رحلاته صعوبات تتعلق بالمناخ والتضاريس، بالإضافة إلى التعامل مع حركة الحشرات السريعة.
توثيق المعاناة الإنسانية: هاشم دردورة
المصور السوري هاشم دردورة، فاز بالمركز الأول في محور “القوة” من خلال صورة مؤثرة لطفل سوري عالق تحت الأنقاض بعد قصف منجرة أخشاب في محافظة إدلب. بدأ هاشم رحلته مع الكاميرا كهواية في عام 2016، ثم تحولت إلى وسيلة لتوثيق معاناة الشعب السوري. يقول هاشم: “وثقت الأشكال المتنوعة للمعاناة كالنزوح والقصف، فصوري تحمل الكثير من المشاعر”.
الصورة الفائزة، التي التقطها هاشم في أكتوبر 2024، تجسد قصة الطفل خالد بلشي، الذي كان يعيل أسرته من خلال العمل في المنجرة التي دمرت بالكامل. في لحظات الحاجة الماسة للمساعدة، يترك هاشم الكاميرا لمساندة فرق الإنقاذ. إن صور هاشم ليست مجرد توثيق للأحداث، بل هي صرخة مدوية تعبر عن الألم والمعاناة.
الحظ والإعداد: كارين آيجنر وصورة النمر الأميركي
المصورة الأميركية كارين آيجنر، حققت المركز الأول في المحور العام الملون، من خلال صورة نادرة لنمر أميركي في الإكوادور. أثناء تنظيمها ورشة عمل حول رواية القصص من خلال الصورة، التقطت كارين هذه اللحظة العفوية عندما ظهر النمر وهو يعاني من مشكلة في عينه. تؤكد كارين أن الحظ يلعب دوراً في الحصول على صورة مميزة، ولكن الإعداد والاستعداد هما الأساس.
تعتبر كارين أن التحدي الأبرز في تصوير الحياة البرية هو تقديم صور مختلفة، وهو ما يتطلب استخدام معدات متخصصة ومراعاة البيئة المحيطة. إنها تؤمن بأن المصور يجب أن يكون مستعداً لالتقاط اللحظة المناسبة، وأن يكون قادراً على التكيف مع الظروف المتغيرة.
سالم سلطان الحجري: شخصية العام
المصور العماني سالم سلطان الحجري، اختير شخصية العام في الدورة 14 من جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي. يعتبر سالم هذا التكريم تتويجاً لرحلته في عالم التصوير، ويمثل دعماً للتصوير العماني والخليجي والعربي. على الرغم من ارتباطه بوظيفة حكومية لا علاقة لها بالتصوير، إلا أنه استطاع أن يحقق نجاحاً كبيراً في هذا المجال.
يركز سالم في تصويره على الصحراء، نظراً لحبه العميق لها، ويعتبرها مصدراً للإلهام والتحدي. يصف الصحراء بأنها “معجزة وأسطورة لمن يفهمها”، وأنها “منبع للمصورين والأدباء والكتاب والفنانين”. يؤكد سالم أن الصحراء تحتوي على تفاصيل لا مثيل لها، وأنها تتغير وتتجدد مع كل فصل من فصول السنة.
في الختام
جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي ليست مجرد مسابقة، بل هي منصة تحتفي بالإبداع والابتكار في عالم التصوير. القصص الملهمة للفائزين في هذه الدورة تؤكد أن التصوير هو أكثر من مجرد التقاط صور، بل هو وسيلة للتعبير عن المشاعر، وتوثيق الأحداث، وإلهام الآخرين. إنها دعوة لنا جميعاً لرؤية العالم من خلال عدسة مختلفة، وتقدير الجمال والقوة الكامنين في كل شيء من حولنا. ندعوكم لزيارة الموقع الرسمي للجائزة للاطلاع على المزيد من الأعمال المتميزة والمشاركة في الدورات القادمة.


