شما آل علي: فنانة إماراتية تعيد تعريف اللوحة التشكيلية بفن المسامير والخيوط

تزدهر الساحة الفنية الإماراتية بمواهب شابة قادرة على تقديم أعمال مبتكرة تحمل بصمات فريدة. ومن بين هذه المواهب، تبرز الفنانة الإماراتية الشابة شما آل علي، التي استطاعت أن تخلق لنفسها اسماً لامعاً في عالم الفن التشكيلية المعاصر. تمزج شما في أعمالها بين التصميم والغرافيك والفن، مقدمةً تجربة بصرية فريدة تعتمد على أساليب غير تقليدية، كفن المسامير والخيوط، لإعادة تعريف مفهوم اللوحة التشكيلية. هذا المقال يستكشف رحلتها الفنية، تقنياتها المميزة، وإسهاماتها في إثراء المشهد التشكيلي المحلي.

بدايات موهبة وشغف بالفن

لم تكن بداية شما آل علي في عالم الفن التشكيلي وليدة اللحظة، بل كانت جذورها ضاربة في عمق الطفولة. تذكر شما البدايات قائلةً: “بدأت رحلتي مع الرسم بقلم الرصاص والألوان المائية والزيتية في أيام الطفولة. كان الرسم وسيلة للتعبير عن ذاتي واستكشاف عالمي من حولي.” هذا الشغف استمر وتعمق خلال دراستها الأكاديمية في جامعة زايد، حيث تخرجت في عام 2025 بدرجة البكالوريوس في التصميم الغرافيكي.

ولكن كيف تحول الاهتمام بالتصميم الغرافيكي إلى هذا المسار الفني الفريد؟ “من خلال مساري الدراسي”، توضح شما، “دخلت بوابة الفن التشكيلي المعاصر، وانحزت نحو فنون المسامير والخيوط، المعروف أيضاً باسم (فن الفيلوغرافيا). بدأ الأمر كهواية شخصية، لكنه سرعان ما تحول إلى مسار فني مستقل قدمته بأسلوبي الخاص وبرؤى فنية مغايرة.” لم يكن هذا مجرد انتقال بين مجالين فنيين؛ بل كان تحولاً نحو لغة بصرية جديدة تماماً.

تقنية فريدة تجمع بين الأصالة والابتكار

ما يميز أعمال شما آل علي هو استخدامها لتقنية غير تقليدية في اللوحات الفنية، وهي فن المسامير والخيوط. هذه التقنية تجمع بين الدقة الهندسية واللمسة الحسية، حيث تحول الأدوات البسيطة إلى وسيلة للتعبير عن أفكار معقدة. لا تقتصر أعمالها على هذا الأسلوب فحسب، بل تمزج فيه أيضاً مع التقنيات الرقمية الحديثة.

“إن ما أقدمه لا يندرج تحت فن الغرافيك التقليدي، بل هو فن تشكيلي يعتمد على أدوات ملموسة”، تشرح شما. وتضيف: “أتّبع منهجاً دقيقاً في تنفيذ لوحاتي، بدءاً بالتصميم الرقمي ثم نقله إلى قطعة خشب مغطاة بالجلد. أضع المسامير وفقاً للنموذج المرسوم، وصولاً إلى مرحلة ربط الخيوط لتكتمل اللوحة.” هذه العملية الدقيقة والمتأنية تعكس تفانيها في تشكيل مختلف التفاصيل، وتمنح أعمالها طابعاً فنيًا فريدًا.

لوحات تحكي قصصاً وطنية

تتميز لوحات شما آل علي بمشهديتها الحية التي تعج بالوجوه والملامح والرموز الوطنية. تسعى الفنانة من خلال أعمالها إلى تجسيد الروح المحلية والإمساك بذاكرة المكان والزمان في الإمارات.

من أبرز أعمالها لوحة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التي عرضتها في جامعة زايد بمناسبة عيد الاتحاد. “لاقت هذه التجربة إعجاباً كبيراً من الجمهور”، تقول شما، “حيث أحب الناس رؤية التقنيات المستخدمة لمعرفة كيفية وضع الخيوط والمسامير.” كما تجسد أعمالها شخصيات وطنية أخرى بارزة مثل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم. تعتبر هذه اللوحات بمثابة تحية وتقديراً لهذه الشخصيات التي ساهمت في بناء وتقدم الإمارات.

تحديات وإنجازات في مسيرة فنية واعدة

لا يخلو أي مسار فني من التحديات، وشما آل علي تؤكد ذلك. أكبر تحدٍ يواجهها في تنفيذ أعمالها المعقدة والدقيقة هو الجهد الجسدي الذي تتطلبه عملية دق المسامير وتثبيتها بالمطرقة. “في أكثر من مرة يتسبب جهد دق المسامير في تورم أصابعي وشعوري بالألم”، تضاحك شما. لكنها تضيف: “تعودت على هذا العارض، ووجدت بدائل وحلولاً مثل استخدام الثلج لتجاوزه ومواصلة العمل.”

ولم تثبط هذه التحديات عزيمة شما، بل كانت حافزاً لها نحو تحقيق المزيد من الإنجازات. فقد أشرفت على تقديم ورشة تدريبية بعنوان “ورشة المسامير والخيوط” لنحو 80 طالباً وطالبة ضمن المخيم الصيفي للأطفال. كما شاركت في معرض فرجان دبي بلوحة ترمز إلى المكان، عكست فيها تفاصيل البيئة المحلية مثل شجرة الغاف والكثبان الرملية. بالإضافة إلى ذلك، شاركت في معرض أبوظبي للصيد والفروسية وقدمت عشر لوحات فنية، أنجزت إحداها مباشرةً أمام الجمهور. هذه المشاركات المتنوعة تعكس التزامها بنشر فن المسامير والخيوط والتفاعل مع المجتمع.

مستقبل واعد في عالم الفن

تتطلع شما آل علي إلى مستقبل واعد في عالم الفن الإماراتي. تخطط لتكثيف مشاركاتها في المعارض والفعاليات الفنية الهامة في الدولة، وتهدف إلى تطوير تقنياتها واستكشاف آفاق جديدة في فنها. تؤمن بأن الفن المعاصر هو وسيلة للتعبير عن الهوية الثقافية الإماراتية، وتقديمها للعالم بطريقة مبتكرة وفريدة. من خلال أعمالها، تسعى شما إلى إلهام الآخرين وتشجيعهم على احتضان الفن والإبداع. تظل شما آل علي مثالاً للفنانة الشابة الموهوبة التي تعيد تعريف حدود الفن، وتقدم إضافة قيمة للمشهد التشكيلي المحلي.

شاركها.
Exit mobile version