تعتبر فنون الطهي جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي لأي أمة، ودبي، بتركيزها الدائم على الإبداع والابتكار، تدرك تمامًا أهمية دعم وتنمية المواهب المحلية في هذا المجال. وفي هذا السياق، أطلقت هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) برنامجًا رائدًا يهدف إلى إبراز الكفاءات الإماراتية في عالم الطهي، وتمكينهم من ترك بصمة مميزة على الساحة العالمية. هذا البرنامج، الذي يحمل اسم “منحة الطهاة الإماراتيين”، يمثل استثمارًا حقيقيًا في مستقبل المطبخ الإماراتي، ويعكس رؤية دبي الطموحة في أن تصبح مركزًا عالميًا للثقافة والإبداع.

“منحة الطهاة الإماراتيين”: منصة لإطلاق المواهب

يهدف برنامج “منحة الطهاة الإماراتيين” إلى تسليط الضوء على الطهاة الإماراتيين الطموحين، وتزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة للتفوق في مجال فن الطهي. يتم تنظيم البرنامج بالتعاون مع المركز الدولي لفنون الطهي بدبي (ICCA Dubai)، وهو ما يضمن تقديم تدريب عالي الجودة وفقًا لأحدث المعايير العالمية.

يستمر البرنامج لمدة ثلاثة أشهر، ويتضمن سلسلة من ورش العمل التدريبية التي يشرف عليها نخبة من خبراء الطهي. تغطي هذه الورش مجموعة واسعة من المحاور، بدءًا من تقنيات الطهي الأساسية والمتقدمة، وصولًا إلى إعداد قوائم الطعام المبتكرة، وقواعد إتيكيت الضيافة، وسلامة الأغذية.

النسخة الأولى من المنحة: نجاح باهر وتخريج ستة طهاة

شهدت النسخة الأولى من “منحة الطهاة الإماراتيين” نجاحًا كبيرًا، حيث تمكن ستة طهاة إماراتيين موهوبين من الحصول على شهادة الدبلوم في فن الطهي بعد اجتيازهم بنجاح جميع متطلبات البرنامج. الطهاة الذين تم تكريمهم هم: نورة العوضي، وعلياء آل علي، وأصايل المرزوقي، وراشد النعيمي، وهدى الغفلي، وميثاء الغفلي.

خلال البرنامج، اكتسب المشاركون خبرة عملية في إعداد مجموعة متنوعة من الأطباق، بما في ذلك المقبلات والوجبات الرئيسية والمخبوزات والحلويات. كما تعلموا كيفية استخدام أحدث المعدات، وتطبيق أساليب مبتكرة في تقديم الطعام، مع التركيز على الحفاظ على سلامة الأغذية والصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، تم تعريفهم بأنواع الأطعمة الصحية والأنظمة الغذائية المختلفة، وكيفية حساب التكلفة والتخطيط للتحضير، وإدارة عمليات المطابخ في المطاعم.

تعزيز الهوية الثقافية من خلال المطبخ الإماراتي

لا يقتصر برنامج “منحة الطهاة الإماراتيين” على تطوير المهارات الفنية للطهاة، بل يهدف أيضًا إلى تعزيز الهوية الثقافية الإماراتية من خلال المطبخ. فالطعام يعتبر جزءًا أساسيًا من التراث الإماراتي، ويعكس قيم الكرم والضيافة التي تشتهر بها المنطقة.

من خلال دعم الطهاة المحليين وتشجيعهم على الابتكار، تسعى دبي للثقافة إلى إبراز ثراء المطبخ الإماراتي، وتقديمه للعالم بطريقة جديدة ومبتكرة. هذا بدوره يساهم في تعزيز مكانة دبي كوجهة سياحية وثقافية رائدة.

النسخة الثانية من المنحة: توسيع نطاق الدعم

استمرارًا لنجاح النسخة الأولى، أعلنت هيئة الثقافة والفنون في دبي عن إطلاق النسخة الثانية من برنامج “منحة الطهاة الإماراتيين” في نوفمبر 2025. وقد شهدت هذه النسخة توسيعًا في نطاق الدعم، حيث تم منح شهادة الدبلوم في فن الطهي لعشر طاهيات إماراتيات: عائشة الخوري، وعهود وليد الزرعوني، وحمدة عادل الخوري، وهند محمد الملا، وخولة عمر الغفلي، وميرة جاسم الزعابي، ونعيمة الملا، وسلوى سليم العلي، وعائشة خوري، وشذى الحوسني.

هذا التوسع يعكس التزام دبي للثقافة بدعم وتمكين المرأة الإماراتية في جميع المجالات، بما في ذلك مجال الطهي.

رؤية مستقبلية واعدة

أكدت شيماء راشد السويدي، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في دبي للثقافة، أن “منحة الطهاة الإماراتيين” تمثل منصة فريدة لدعم الطهاة المبدعين، وفتح الآفاق أمامهم، وحثهم على إطلاق العنان لأفكارهم ومشاريعهم المبتكرة. وأضافت أن الهيئة تسعى من خلال هذه المنحة إلى تطوير تشكيلة متنوعة من الأطعمة التي تمزج بين النكهات العربية والإماراتية والعالمية، وتقديم أطباق أصلية ومبتكرة أمام مختلف شرائح المجتمع.

من جانبه، أعرب سونجه راجا، المدير والرئيس التنفيذي بالمركز الدولي لفنون الطهي بدبي (ICCA Dubai)، عن فخره بالمشاركة في تدريب جيل جديد من الطهاة الإماراتيين، وصقل مهاراتهم، مع الحفاظ على ارتباطهم بهويتهم الثقافية وإرثهم في الطهي الإماراتي.

في الختام، يمثل برنامج “منحة الطهاة الإماراتيين” مبادرة رائدة تساهم في بناء مستقبل مشرق للمطبخ الإماراتي، وتعزيز مكانة دبي كمركز عالمي للثقافة والإبداع. من خلال الاستثمار في المواهب المحلية، ودعم الابتكار، والحفاظ على التراث الثقافي، تواصل دبي تحقيق رؤيتها الطموحة في أن تصبح وجهة رائدة في عالم فن الطعام. ندعو جميع الطهاة الإماراتيين الطموحين إلى الاستفادة من هذه الفرصة المميزة، والمساهمة في إثراء المشهد الثقافي في دبي والإمارات العربية المتحدة.

شاركها.
Exit mobile version