التعويض عن وفاة بسبب حساسية الحليب: قصة مؤثرة وتحذير للمستهلكين

تُعد قضية وفاة سيليا مارش، الممرضة التي عانت من حساسية الحليب، بمثابة صدمة ومصدر حزن عميق لعائلتها، بالإضافة إلى كونها بمثابة ناقوس خطر حول أهمية سلامة الغذاء والتعامل مع مسببات الحساسية. فقد حصلت عائلتها مؤخرًا على تعويض قدره 1.25 مليون جنيه إسترليني (حوالي 1.674 مليون دولار أمريكي) بعد صراع طويل مع سلسلة مقاهي “بريت أ مانجر” وشركة “بلانيت كوكونت” المصنِّعة للمنتج الذي تسبب في وفاتها. هذه الحادثة المأساوية تسلط الضوء على المخاطر التي تواجه الأشخاص الذين يعانون من الحساسية الغذائية، وضرورة توخي الحذر الشديد من قبل الشركات المصنعة والمزودين للمنتجات الغذائية.

تفاصيل الحادثة المأساوية

في ديسمبر 2017، وبينما كانت سيليا مارش تقوم برحلة تسوق بعد عيد الميلاد في مدينة باث مع زوجها وبناتها، قررت تناول شطيرة خبز مسطح نباتية من “بريت أ مانجر”. كانت مارش، البالغة من العمر 42 عامًا، تعاني من حساسية شديدة للحليب وكانت تعتمد على المنتجات التي تحمل علامة “خالية من الألبان” لضمان سلامتها.

لسوء الحظ، لم تكن الشطيرة التي تناولتها خالية من مسببات الحساسية كما هو مُعلن عنها. احتوت على بروتين الحليب، على الرغم من الاعتقاد السائد بأنها تحتوي على بديل آمن مصنوع من زبادي جوز الهند. بعد فترة وجيزة من تناول الشطيرة، بدأت مارش تشعر بتوعك حاد وسقطت مغشيًا عليها بعد حقن نفسها بالإبينفرين (محقن الإدرينالين المستخدم في حالات الحساسية المفرطة).

على الرغم من نقلها بشكل عاجل إلى المستشفى، إلا أن محاولات إنعاشها باءت بالفشل، وفارقت الحياة. هذه الحادثة تركت أثرًا مدمرًا على عائلتها، وأثارت تساؤلات حول مدى مسؤولية الشركات في ضمان سلامة منتجاتها للمستهلكين الذين يعانون من الحساسية الغذائية.

تحقيق يكشف الإهمال في تطبيق معايير السلامة

أجرى كبير محققي الوفيات في مقاطعة أفون، ماريا فوازين، تحقيقًا شاملاً في ملابسات وفاة سيليا مارش. بعد دراسة الأدلة والمتعلقات، خلصت فوازين إلى أن الوفاة كانت نتيجة لتلوث الشطيرة ببروتين الحليب، وأكدت أن “المنتج الذي يحمل علامة (خالٍ من الألبان) يجب أن يكون خالياً من منتجات الألبان”.

وكشف التحقيق عن خلل كبير في عملية التصنيع، حيث تبين أن أحد مكونات الزبادي، المعروف باسم HG1، قد تلوث ببروتين الحليب أثناء تصنيعه. والأكثر إثارة للقلق هو أن الشركة المصنعة للزبادي الخالي من الألبان كانت على علم بهذا الخطر المحتمل، إلا أنها فشلت في إبلاغ المستهلكين أو اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة منتجاتها.

مسؤولية الشركات المصنعة والمزودين

تلعب الشركات المصنعة والمزودين للمنتجات الغذائية دورًا حاسمًا في حماية المستهلكين، وخاصةً أولئك الذين يعانون من الحساسية. يجب عليهم الالتزام بمعايير صارمة لسلامة الغذاء، وإجراء فحوصات دقيقة للتأكد من خلو المنتجات من مسببات الحساسية، وتوفير معلومات واضحة وصحيحة للمستهلكين حول مكونات المنتجات.

إن إخفاء المعلومات المتعلقة بمخاطر التلوث أو عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوثه يُعد إهمالًا جسيمًا يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، كما حدث في حالة سيليا مارش.

تسوية الدعوى والتعويض المالي

بعد وفاة سيليا مارش، رفع زوجها آندي دعوى تعويض أمام المحكمة العليا في المملكة المتحدة ضد سلسلة مقاهي “بريت أ مانجر” وشركة “بلانيت كوكونت”. وبعد مفاوضات طويلة خارج نطاق المحكمة، تم التوصل إلى تسوية نهائية.

أُبلغ القاضي مارك جيدن أن العائلة ستحصل على تعويض إجمالي قدره 1.25 مليون جنيه إسترليني، حيث ستتحمل سلسلة مقاهي “بريت أ مانجر” 25٪ من المبلغ، بينما ستتحمل شركات التأمين التابعة لشركة “بلانيت كوكونت” النسبة المتبقية. يعكس هذا التعويض الخسائر الفادحة التي تكبدتها العائلة نتيجة لوفاة الأم والزوجة والممرضة المحبة.

نحو مستقبل أكثر أمانًا لحياة من يعانون من الحساسية

تُعدّ هذه القضية بمثابة تذكير مؤلم بأهمية توخي الحذر الشديد والالتزام بمعايير سلامة الغذاء. يجب على الشركات المصنعة والمزودين للمنتجات الغذائية أن يتحملوا مسؤوليتهم الكاملة في حماية المستهلكين، وأن يتعاملوا مع مسببات الحساسية على محمل الجد.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المستهلكين الذين يعانون من الحساسية أن يكونوا حذرين للغاية وأن يتحققوا دائمًا من مكونات المنتجات قبل تناولها. كما يجب عليهم أن يكونوا على دراية بأعراض الحساسية وأن يحملوا معهم دائمًا حقنة الإبينفرين في حالات الطوارئ. إن زيادة الوعي والالتزام بآليات السلامة الغذائية أمر ضروري لضمان مستقبل أكثر أمانًا لجميع الذين يعانون من الحساسية الغذائية. يجب أن نتحلى جميعًا بالمسؤولية لضمان عدم تكرار هذه المآسي.

شاركها.
Exit mobile version