في حكم أثار الصدمة والغضب في أوساط عشاق كرة القدم، صدر اليوم الثلاثاء حكم بسجن المواطن البريطاني بول دويل لمدة 21 عامًا ونصف بتهمة التسبب في إصابة أكثر من 130 شخصًا، من بينهم أطفال، بعد دهسه بسيارته حشدًا من مشجعي ليفربول أثناء احتفالاتهم بفوز الفريق بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في مايو الماضي. هذه الحادثة المروعة، التي هزت مدينة ليفربول، تسلط الضوء على خطورة الأفعال المتهورة وتأثيرها المدمر، وستظل محفورة في الذاكرة كواحدة من أسوأ الحوادث المتعلقة باحتفالات كرة القدم. هذا المقال سيتناول تفاصيل القضية، دوافع الجاني، وردود الأفعال المختلفة تجاه الحكم، مع التركيز على دهس مشجعي ليفربول.
تفاصيل الحادثة المروعة: كيف وقع دهس مشجعي ليفربول؟
في مساء يوم احتفال مشجعي ليفربول بفوزهم التاريخي، تحولت الفرحة إلى رعب عندما فقد بول دويل (54 عامًا) السيطرة على أعصابه وقاد سيارته مباشرة نحو الحشود المتجمعة. لم يكتفِ دويل بالاصطدام بالمشجعين، بل قام بصدمهم وسحبهم أسفل السيارة، مما أدى إلى إصابات متفاوتة الخطورة بين الضحايا. كانت الإصابات تتراوح بين كسور وجروح خطيرة، وبعض الحالات كانت حرجة.
وقد أقر دويل في وقت سابق من شهر نوفمبر الماضي بتهمة الإدانة بـ 31 تهمة جنائية، من بينها تسع تهم تتعلق بالتسبب في أذى جسدي خطير مع سبق الإصرار، و17 تهمة بمحاولة التسبب في أذى جسدي خطير. هذا الاعتراف جاء بعد تحقيق مكثف كشف عن نية دويل التسبب في الأذى.
ردود فعل أولية وغضب شعبي
فور وقوع الحادث، عمّ الغضب والحزن مدينة ليفربول. عبّر المشجعون عن صدمتهم واستنكارهم الشديد لهذا الفعل الإجرامي الذي استهدف احتفالاتهم السلمية. كما انتشرت مقاطع الفيديو للحادثة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما زاد من حالة الغضب الشعبي. وتلقى الضحايا وعائلاتهم تعازي ودعمًا واسعًا من جميع أنحاء العالم.
دوافع الجاني: ما الذي دفع بول دويل إلى دهس مشجعي ليفربول؟
أثناء المحاكمة، كشف المدعي العام بول جريني أن دويل كان يعاني من “نوبة غضب تملكت منه تمامًا” لحظة ارتكابه الجريمة البشعة. وأشار إلى أن دويل لم يكن في حالة عقلية طبيعية، مما أدى به إلى اتخاذ هذا القرار المتهور.
ومع ذلك، أكد الادعاء العام أن هذه “نوبة الغضب” لا تبرر أفعال دويل، وأن القيادة المتعمدة نحو حشد من المشاة تعتبر فعلًا إجراميًا يستحق أقصى العقوبات. وبالفعل، تم الحكم عليه بالسجن لمدة طويلة.
محامي الدفاع، سيمون تسوكا، حاول تخفيف الحكم، مشيرًا إلى ندم موكله الشديد وخجله من أفعاله. كما قدم شهادات من أشخاص مقربين من دويل، يصفونه بأنه شخص طيب ومسؤول. لكن القاضي أندرو ميناري استبعد جميع هذه التخفيفات، مؤكدًا أنه “يكاد يكون من المستحيل فهم كيف يمكن لشخص عاقل أن يتصرف كما فعل”.
الحكم وتأثيره: هل يكفي هذا لردع المشابهين؟
أصدرت محكمة بليفربول، اليوم الثلاثاء، حكمها بالسجن لمدة 21 عامًا ونصف على بول دويل، بالإضافة إلى منعه من القيادة مدى الحياة. القاضي ميناري وصف أفعال دويل بأنها “يصعب فهمها” و”تجاهل تام لحياة الإنسان”.
يعتبر هذا الحكم من أشد الأحكام الصادرة في قضايا مماثلة في المملكة المتحدة، ويعكس مدى خطورة الجريمة التي ارتكبها دويل. ويأمل الكثيرون أن يكون هذا الحكم بمثابة رادع قوي لمن قد يفكر في ارتكاب أفعال مماثلة.
العنف ضد المشجعين ظاهرة مقلقة تتكرر في بعض الأحيان، وتتطلب اتخاذ إجراءات صارمة لحماية الأفراد وضمان سلامتهم. هذا الحكم يمثل خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
ما بعد الحكم: دعم الضحايا ومراجعة الإجراءات الأمنية
على الرغم من صدور الحكم، يبقى التركيز على تقديم الدعم اللازم لضحايا دهس مشجعي ليفربول وعائلاتهم. تم تخصيص فرق طبية ونفسية لمتابعة حالتهم الصحية والنفسية، وتقديم المساعدة لهم في تجاوز هذه المحنة الصعبة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مطالب متزايدة بمراجعة الإجراءات الأمنية المتبعة خلال الاحتفالات الجماهيرية، بهدف منع تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية. ويجب على السلطات المحلية والجهات الأمنية العمل بشكل وثيق لضمان توفير بيئة آمنة للمشجعين والاحتفال بفرح دون خوف أو قلق.
كما أن هذه القضية تثير تساؤلات حول أهمية الصحة النفسية وكيفية التعامل مع حالات الغضب الشديدة. قد يكون من الضروري توفير برامج دعم نفسي للأفراد المعرضين للخطر، بهدف مساعدتهم على التحكم في انفعالاتهم وتجنب ارتكاب أفعال عنيفة.


