عندما التقت فانيسا جونسون بجروها الجديد، أولي، شعرت بارتباط فوري. نفس العيون، نفس الأنف، وحتى نفس النظرة التي عرفتها جيدًا. لكن هذا الجرو لم يكن مجرد ذكرى، بل تجسيدًا لرفيقها الراحل، أوليفر، الذي فقدته قبل بضعة أشهر. هذه القصة ليست مجرد حكاية عن الحب والاشتياق، بل هي قصة عن استنساخ الحيوانات الأليفة، وهو مجال علمي يثير الجدل ويحمل في طياته الأمل للكثيرين.

استنساخ الحيوانات الأليفة: هل هو ممكن؟ وما هي التكلفة؟

لم يعد استنساخ الحيوانات الأليفة مجرد خيال علمي. فمن خلال شركة ViaGen، وهي شركة متخصصة في التكنولوجيا الحيوية مقرها في تكساس، أصبح بإمكان مالكي الحيوانات الأليفة استعادة جزء من أحبائهم بعد رحيلهم. تعتمد هذه العملية على تقنية نقل نواة الخلية الجسدية، وهي نفس التقنية التي استخدمت في استنساخ النعجة دوللي الشهيرة عام 1996.

تتلخص العملية في أخذ عينات من الأنسجة من الحيوان الأليف الأصلي، ثم استخدام هذه العينات لإنشاء جنين مطابق جينيًا. بعد ذلك، يتم زرع هذا الجنين في رحم كلبة بديلة تحمل الجرو حتى الولادة. تعتبر هذه العملية مكلفة للغاية، حيث دفعت فانيسا جونسون حوالي 50 ألف دولار لاستنساخ كلبها المحبوب.

قصة فانيسا جونسون وأولي: عودة الرفيق

بالنسبة لفانيسا جونسون، مديرة تنفيذية في أمازون، لم يكن المبلغ كبيرًا مقارنة بالقيمة العاطفية التي يمثلها أوليفر. بعد وفاة أوليفر في ديسمبر الماضي، شعرت بفراغ كبير في حياتها. قالت جونسون لصحيفة “نيويورك بوست”: “كان الأمر غريبًا، لأن عيني أوليفر كانتا تنظران إليّ، لكنه لم يكن هو تمامًا”. هذا الشعور بالغرابة والدهشة يرافق غالبًا عملية استنساخ الكلاب، حيث يدرك المالكون أن الجرو الجديد يحمل نفس التركيبة الجينية، ولكنه يظل كائنًا فريدًا بخصائصه وسلوكه الخاص.

عثرت جونسون على شركة ViaGen أثناء بحثها عبر الإنترنت عن طرق للتغلب على حزنها. أضافت لصحيفة “واشنطن بوست”: “لقد منحني ذلك بصيص أمل، إذ شعرت بوجود جزء من أوليفر لأواصل حياتي”. الآن، تستمتع جونسون بوجود أولي في حياتها، وتعتبره بمثابة هدية ثمينة من صديقها الراحل.

نجاح عملية الاستنساخ وتزايد الإقبال عليها

تُشير شركة ViaGen إلى نسبة نجاح تقارب 80% في عملية استنساخ الحيوانات، وتؤكد أنها استنسخت أكثر من 1000 قطة وكلب منذ عام 2015. وقد شهد هذا المجال إقبالًا متزايدًا من قبل مالكي الحيوانات الأليفة الأثرياء، بمن فيهم شخصيات مشهورة مثل توم برادي، الذي استثمر في هذه التكنولوجيا وأقرّ باستنساخ كلبه العائلي.

هذا التزايد في الإقبال يعكس الرغبة القوية لدى الكثيرين في الحفاظ على ذكرى حيواناتهم الأليفة، وتجاوز الحزن المصاحب لفقدانهم. كما أنه يشير إلى الثقة المتزايدة في فعالية هذه التكنولوجيا وقدرتها على تحقيق النتائج المرجوة.

الجدل الأخلاقي حول استنساخ الحيوانات الأليفة

على الرغم من النجاحات التي حققتها شركات استنساخ الحيوانات الأليفة، إلا أن هذه الممارسة لا تزال تثير جدلاً أخلاقيًا واسعًا. تعتبر العديد من منظمات رعاية الحيوان، مثل “بيتا” و”الجمعية الأمريكية لمنع القسوة على الحيوانات”، أن استنساخ الحيوانات الأليفة هو أمر غير مسؤول، ويؤدي إلى معاناة الحيوانات.

تتمثل أبرز المخاوف في أن عملية الاستنساخ قد تتسبب في مشاكل صحية للجرو المستنسخ، بالإضافة إلى استغلال الإناث المستخدمات كأمهات بديلات. كما أن هناك انتقادات تتعلق بالتكلفة العالية لهذه العملية، والتي تجعلها حكرًا على الأثرياء، بينما يعاني ملايين الحيوانات المشردة في الملاجئ من أجل الحصول على مأوى ورعاية. بدلاً من الاستنساخ، تدعو هذه المنظمات إلى تبني الحيوانات المشردة، وتقديم الدعم للملاجئ التي تعمل على إنقاذها ورعايتها.

مستقبل استنساخ الحيوانات الأليفة

من المؤكد أن تقنية استنساخ الحيوانات الأليفة ستستمر في التطور والتحسين. قد نشهد في المستقبل انخفاضًا في التكلفة، وزيادة في نسبة النجاح، وتقليلًا للمخاطر الصحية المحتملة. ومع ذلك، من المهم أن يتم التعامل مع هذه التكنولوجيا بحذر ومسؤولية، وأن يتم مراعاة الجوانب الأخلاقية والإنسانية في جميع مراحل العملية.

في النهاية، يبقى استنساخ الحيوانات الأليفة خيارًا شخصيًا يقرره كل مالك بناءً على ظروفه وقناعاته. ولكن من الضروري أن يكون هذا القرار مبنيًا على فهم كامل للمخاطر والفوائد المحتملة، وأن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان رفاهية جميع الحيوانات المعنية. إذا كنت تفكر في استنساخ حيوانك الأليف، فمن المهم إجراء بحث شامل، والتحدث مع خبراء في هذا المجال، ومراعاة الجوانب الأخلاقية قبل اتخاذ أي قرار.

شاركها.
Exit mobile version