أسعار الذهب في الإمارات تشهد ارتفاعات قياسية: تحليل شامل وتأثيرات السوق
شهدت أسعار الذهب في أسواق الإمارات العربية المتحدة ارتفاعات ملحوظة في نهاية الأسبوع الماضي، مسجلةً قيمًا قياسية جديدة تراوحت بين 14 و 23.5 درهمًا للغرام الواحد من مختلف العيارات. هذا الارتفاع يمثل استمرارًا للاتجاه الصاعد الذي بدأ في الأسابيع الأخيرة، حيث حقق المعدن الأصفر زيادات إجمالية تصل إلى 39.5 درهمًا للغرام في غضون ثلاثة أسابيع فقط. هذا المقال يقدم تحليلاً مفصلاً لهذه الارتفاعات، وتأثيرها على الطلب في السوق، بالإضافة إلى توقعات مستقبلية حول حركة أسعار الذهب.
تطور أسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي
ارتفعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ في دبي والشارقة، مما أثر على جميع العيارات. وبلغ سعر غرام الذهب من عيار 24 قيراطًا 546.25 درهمًا، بزيادة قدرها 23.5 درهمًا مقارنة بنهاية الأسبوع السابق. كما سجل عيار 22 قيراطًا سعر 505.75 درهمًا بزيادة 21.75 درهمًا، بينما وصل سعر عيار 21 قيراطًا إلى 485 درهمًا، بزيادة 21 درهمًا. أما عيار 18 قيراطًا فقد بلغ 415.75 درهمًا بزيادة 18 درهمًا، وعيار 14 قيراطًا سجل 324.25 درهمًا بزيادة 14 درهمًا. هذه الزيادات تعكس الضغوط الشرائية المتزايدة على الذهب، مدفوعة بعوامل اقتصادية وجيوسياسية عالمية.
تأثير الارتفاعات على الطلب في السوق
أشار مسؤولو منافذ بيع الذهب والمجوهرات إلى أن هذه الزيادات الكبيرة قد أدت إلى تباطؤ في الإقبال على شراء السبائك والعملات الذهبية. فقد عزف العديد من المستثمرين والمشترين عن شراء الذهب كأصل استثماري فوري بسبب ارتفاع تكلفته.
انخفاض الإقبال على السبائك والعملات
أوضح علي موتيي، مدير محل “موتيولا لتجارة الذهب والمجوهرات”، أن السوق يشهد حاليًا بطئًا في الطلب على السبائك والعملات، وأن العديد من المتعاملين أجلوا قرارات الشراء بعد الوصول إلى أعلى مستويات سعرية تاريخية. هذا التباطؤ يعكس حساسية السوق لتقلبات الأسعار، ورغبة المشترين في انتظار فرص أفضل للشراء.
نمو محدود في الطلب على المشغولات الذهبية
على الجانب الآخر، شهدت مبيعات المشغولات الذهبية نموًا ونشاطًا محدودًا، مدفوعًا ببدء استعدادات بعض المستهلكين لشراء الهدايا بمناسبة احتفالات الكريسماس. هذا الطلب الموسمي ساهم في تخفيف حدة التباطؤ العام في السوق، ولكنه لم يكن كافيًا لتعويض الانخفاض في الإقبال على السبائك والعملات. جاي دهكان، مدير شركة “دهكان لتجارة الذهب والمجوهرات”، أكد على هذا الأمر، مشيرًا إلى أن إقبال السياح والمقيمين على شراء الهدايا الذهبية ساهم في تحسين الطلب على المشغولات.
العوامل المؤثرة في ارتفاع أسعار الذهب
هناك عدة عوامل ساهمت في هذا الارتفاع الحاد في أسعار الذهب. من أبرزها:
- التوترات الجيوسياسية: الأحداث العالمية والتوترات السياسية المتصاعدة تزيد من الطلب على الذهب كملاذ آمن.
- توقعات خفض أسعار الفائدة: توقعات البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب تجعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين.
- ضعف الدولار الأمريكي: عادة ما يتحرك الذهب في اتجاه معاكس للدولار الأمريكي، لذا فإن ضعف الدولار يدعم ارتفاع أسعار الذهب.
- الطلب الموسمي: فترة الأعياد والاحتفالات تزيد من الطلب على المجوهرات الذهبية، مما يؤثر على الأسعار.
توقعات مستقبلية لحركة أسعار الذهب
من الصعب التنبؤ بدقة بحركة أسعار الذهب في المستقبل القريب، ولكن معظم المحللين يتوقعون استمرار الاتجاه الصاعد، مع بعض التقلبات. ديليب باتني، مدير المبيعات في محل “الفنان لتجارة الذهب والمجوهرات”، يرى أن الارتفاعات القياسية قد تدفع بعض المتعاملين إلى الحذر في الشراء، والتركيز على قطع صغيرة.
بالإضافة إلى ذلك، يفضل بعض المستثمرين تأجيل بيع السبائك الذهبية التي بحوزتهم، أملاً في تحقيق مكاسب إضافية من ارتفاعات مستقبلية. هذا يشير إلى أن هناك توقعات باستمرار ارتفاع الأسعار على المدى المتوسط. ومع ذلك، يجب على المستثمرين والمشترين مراقبة التطورات الاقتصادية والسياسية العالمية عن كثب، واتخاذ قراراتهم بناءً على تحليل دقيق للسوق. الاستثمار في الذهب يتطلب دراسة متأنية وفهمًا للعوامل المؤثرة في سعره.
الخلاصة
شهدت أسعار الذهب في الإمارات ارتفاعات قياسية مدفوعة بمجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. هذه الارتفاعات أدت إلى تباطؤ في الطلب على السبائك والعملات، بينما شهدت مبيعات المشغولات الذهبية نموًا محدودًا بفضل الطلب الموسمي. من المتوقع أن يستمر الاتجاه الصاعد في أسعار الذهب، ولكن مع بعض التقلبات، مما يتطلب من المستثمرين والمشترين توخي الحذر ومراقبة السوق عن كثب. الذهب يظل خيارًا استثماريًا جذابًا، خاصة في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، ولكن يجب التعامل معه بحكمة وعقلانية.


