في الآونة الأخيرة، تصاعدت انتقادات المستهلكين في دولة الإمارات العربية المتحدة، تجاه بعض منافذ البيع التي تعتمد على اللغة الإنجليزية كلغة أساسية في لافتات الأسعار والمواصفات، متجاهلة اللغة العربية. هذا الأمر أثار جدلاً حول حقوق المستهلك، وأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية، والتحديات التي تواجه المتحدثين باللغة العربية في فهم تفاصيل المنتجات. يركز هذا المقال على تفاصيل هذه القضية، وأسبابها من وجهة نظري المستهلكين ومسؤولي منافذ البيع، والحلول المقترحة.

مطالبة بتفعيل دور اللغة العربية في عرض المنتجات

أعرب العديد من المستهلكين عن استيائهم من الاكتفاء بالكتابة باللغة الإنجليزية في لافتات الأسعار والمواصفات في منافذ البيع المختلفة. وأكدوا أن هذا الإجراء يمثل إغفالاً لحقوقهم كمستهلكين، وتجاهلاً لأهمية اللغة العربية كلغة رسمية للدولة. يشير عبدالله سلطان، أحد المستهلكين، إلى أنه على الرغم من إجادته للغة الإنجليزية، إلا أنه يرى أن الأمر برمته غير مقبول، ويجب أن تكون اللغة العربية هي الأولوية.

سامية الصواف، وهي مستهلكة أخرى، شاركت تجربة مماثلة، حيث ذهبت إلى أحد المتاجر الكبيرة وتفاجأت بعدم وجود معلومات مكتوبة باللغة العربية على لافتات المنتجات. وأوضحت أنها توقعت وجود ترجمة على ظهر اللافتة، لكنها لم تجد شيئاً. تساءلت عن المنطق وراء هذا التوجه، خاصة وأن أغلب زبائن هذه المحلات يتحدثون اللغة العربية.

الهوية الوطنية وسهولة الوصول إلى المعلومات

أكد المستهلكون أن الكتابة باللغة العربية ليست مجرد مسألة تفضيل شخصي، بل هي تعبير عن الهوية الوطنية، وحق أساسي في الحصول على معلومات واضحة ومفهومة حول المنتجات. يعتبر أحمد سليم أن اللغة العربية جزء لا يتجزأ من هويتنا كعرب، وأن استخدامها في عرض المنتجات يضمن سهولة التحقق من جميع التفاصيل، خاصة المواصفات الفنية للأجهزة الكهربائية والمنزلية.

كما أن عدم وجود معلومات باللغة العربية قد يعيق عملية اتخاذ القرار الشرائي لدى بعض المستهلكين، الذين قد لا يثقون في فهمهم للمعلومات المقدمة باللغة الإنجليزية. هذا الأمر يؤدي إلى شعورهم بالإحباط، والاعتماد على موظفي البيع للحصول على التوضيحات اللازمة، وهو ما قد يستغرق وقتاً طويلاً، أو يكون غير دقيق في بعض الأحيان. الوصول السهل إلى المعلومات يساعد المستهلك على مقارنة الأسعار والمواصفات، واختيار المنتج الأنسب لاحتياجاته.

وجهة نظر منافذ البيع: العولمة والتسويق

في المقابل، أوضح مسؤولان في منافذ البيع أن تفضيل اللغة الإنجليزية في اللافتات يرجع إلى عدة أسباب، منها كونها لغة عالمية، وسهولة التواصل مع مختلف الجنسيات، بما في ذلك السياح والزوار. حسن رزق، أحد المسؤولين، يرى أن استخدام اللغة الإنجليزية يضمن وصول الرسالة التسويقية إلى أوسع شريحة من الجمهور، خاصة وأن نسبة كبيرة من المتحدثين بالعربية يتقنون اللغة الإنجليزية أيضاً.

إدريس إبراهيم، مسؤول آخر، أشار إلى أن بعض المحلات تكتب اللافتات باللغة الإنجليزية بناءً على دراسات تسويقية، أظهرت أن شريحة كبيرة من زبائنها يتحدثون الإنجليزية، أو أنهم يهدفون إلى جذب عملاء جدد من هذه الفئة. كما أن هذا التوجه يعكس الرغبة في مواكبة العولمة والتسويق الدولي، حتى لو كان المتجر يستهدف السوق المحلي بشكل أساسي. هذه الإستراتيجيات التسويقية تهدف إلى زيادة المبيعات وزيادة حصة منافذ البيع في السوق.

الإطار القانوني والحلول المقترحة

تجدر الإشارة إلى أن اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي لحماية المستهلك تنص على إلزام منافذ البيع بكتابة فواتير الشراء باللغة العربية فقط، وفرض غرامة قدرها 100 ألف درهم في حال عدم الالتزام بذلك. ولكنها لا تتضمن أي بند يتعلق بكتابة لافتات الأسعار والمواصفات باللغة العربية.

لذا، يرى الخبراء أن هناك حاجة إلى تعديل هذه اللائحة، لتشمل إلزام منافذ البيع بكتابة اللافتات باللغة العربية، مع إمكانية إضافة لغات أخرى بجانبها. هذا الإجراء سيضمن حقوق المستهلكين، ويعزز الهوية الوطنية، ويساهم في خلق بيئة تسوق أكثر شفافية وسهولة للجميع. يمكن أيضًا تشجيع المنافذ على استخدام ملصقات ثنائية اللغة، أو توفير تطبيقات للهواتف الذكية تتيح للمستهلكين ترجمة المعلومات على اللافتات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تنظيم حملات توعية للمستهلكين حول حقوقهم، وكيفية التعامل مع منافذ البيع التي لا تلتزم بالمعايير المطلوبة.

في الختام، يمكن القول إن قضية لافتات الأسعار والمواصفات في منافذ البيع تمثل تحدياً هاماً يتطلب حلاً سريعاً وفعالاً. من خلال تفعيل دور اللغة العربية، وضمان حقوق المستهلكين، يمكننا بناء اقتصاد وطني قوي، يعتمد على الشفافية والثقة المتبادلة بين البائع والمشتري. كما ندعو المستهلكين لمواصلة التعبير عن آرائهم، ومطالبة الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوقهم.

شاركها.
Exit mobile version