افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، اليوم، مصنع مليحة للألبان، المشروع الذي يمثل نقلة نوعية في قطاع الأمن الغذائي بالإمارة. يمتد المصنع على مساحة 20 ألف متر مربع بطاقة إنتاجية تصل إلى 600 طن، ويعد إضافة هامة لمساعي الشارقة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية الأساسية. وقد تسلم سموه خلال الافتتاح شهادة تسجيل مزرعة مليحة للألبان في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، تثميناً لكونها أكبر مزرعة أبقار من سلالة “A2A2” في العالم، في منطقة مليحة. هذا الإنجاز يعكس رؤية الشارقة الطموحة في تطوير قطاع الزراعة والإنتاج الحيواني وفقاً لأعلى المعايير العالمية.
افتتاح مصنع مليحة للألبان وتكريم رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة
شهد الافتتاح حضوراً كبيراً من كبار المسؤولين، بما في ذلك سمو الشيخ عبدالله بن سالم بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، وسمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، والشيخ الدكتور سالم بن عبدالرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم، والشيخ المهندس محمد بن عبدالله بن ماجد القاسمي مدير دائرة شؤون البلديات، بالإضافة إلى عدد من الوزراء ورؤساء ومديري الجهات الحكومية وممثلي الشركاء. هذا الحضور يعكس الأهمية الاستراتيجية التي يوليها الجميع لهذا المشروع الحيوي.
صاحب السمو حاكم الشارقة ألقى كلمة بهذه المناسبة، أعرب فيها عن سعادته بتحقيق هذا الحلم الذي راوده لمدة 65 عاماً. وأكد سموه أن المشروع يجسد رعاية المجتمع والارتقاء بأبنائه وبناته، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز تحقق بمشاركة أبناء الشارقة المتعلمين والمتمكنين، الذين يلتزمون بالقيم والمبادئ الأصيلة.
مشروعات الأمن الغذائي في الشارقة: رؤية متكاملة
لم يقتصر حديث سموه على افتتاح المصنع، بل تناول أيضاً مجموعة متنوعة من مشروعات الأمن الغذائي التي تشهدها الشارقة، والتي تهدف إلى تنويع مصادر الغذاء وتعزيز الإنتاج المحلي. وأشار سموه إلى التطورات المتسارعة في المنطقة من حيث المزارع المتنوعة والمصانع المصاحبة لها، بالإضافة إلى البرامج التعليمية المتخصصة التي تقدمها كليات الزراعة والبيطرة وعلوم الصحراء بجامعة الذيد. هذه البرامج تهدف إلى إعداد كوادر مؤهلة للعمل في هذا القطاع الحيوي والمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي.
العودة إلى الأصول والتركيز على الزراعة المستدامة
أكد صاحب السمو حاكم الشارقة على أهمية العودة إلى الأصول في كل شيء، موضحاً أن الشارقة تركز على الصحراء لأنها تمثل الهوية والتراث الأصيل للمنطقة. وأضاف سموه أن الصحراء قادرة على إخراج الغذاء المتنوع، بما في ذلك الدواجن والأبقار والماعز، بالإضافة إلى الإنتاج الزراعي من البذور الأصلية.
وشدد سموه على ضرورة الابتعاد عن الممارسات الضارة التي أدخلت تغييرات سلبية على سلالات الأشجار والحيوانات، واستبدالها بطرق طبيعية وصحية تضمن جودة المنتجات الغذائية وسلامة المستهلك. وأشار سموه إلى أن الأبقار في مزرعة مليحة تنتمي إلى سلالة “A2A2” النادرة والأصلية، مما يمنح حليبها صفات صحية متميزة، بما في ذلك 20 صفة صحية إضافية.
مزرعة مليحة للألبان: معايير عالمية وجودة استثنائية
تعتبر مزرعة مليحة للألبان نموذجاً رائداً في مجال الإنتاج الحيواني، حيث تعتمد على أحدث التقنيات وأعلى المعايير العالمية في جميع مراحل الإنتاج. وقد تجول سموه في أرجاء المزرعة والمصنع، مستمعاً إلى شرح مفصل حول العمليات التشغيلية والتوزيع المكاني للمرافق المختلفة.
وشاهد سموه منطقة المعالجة التي تُعد قلب المصنع، وغرفة التحكم المركزية التي تراقب عملية الإنتاج بأكملها، بالإضافة إلى منطقة التعبئة التي تنتج 4500 عبوة من الحليب الطازج واللبن في الساعة. كما اطلع سموه على خطوط إنتاج منتجات الألبان الأخرى، مثل اللبنة والزبادي، والتي تتميز بجودتها العالية وتعبئتها الصديقة للبيئة.
التوسع في الإنتاج الزراعي والحيواني: رؤية مستقبلية
بالإضافة إلى مزرعة الألبان، تناول صاحب السمو حاكم الشارقة مشاريع أخرى تهدف إلى تعزيز الإنتاج الزراعي الصحي في الإمارة، مثل زراعة أشجار الزيتون في جبل ديم، ومشروع طيور فلي، ومشروع إنتاج الخضروات باستخدام بذور أصلية.
وأكد سموه أن هذه المشاريع تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء الصحي، وتوفير منتجات عالية الجودة للمستهلكين. وأضاف سموه أن الأساس في عمليات الزراعة هو الإدارة الدقيقة والمتابعة المستمرة من المتخصصين، والاعتماد على الأجهزة الرقمية التي تعمل على مراقبة الظروف البيئية وضمان أفضل النتائج.
تكريم الشركاء والاحتفاء بالإنجاز
في ختام حفل الافتتاح، كرم صاحب السمو حاكم الشارقة عدداً من الجهات الإتحادية والمحلية والشركاء من القطاع الخاص، تقديراً لجهودهم ودعمهم لمشاريع الأمن الغذائي في الإمارة. كما تسلم سموه شهادة من موسوعة غينيس للأرقام القياسية لمزرعة مليحة للألبان، ودرعاً تذكارياً من جمعية مربي هولشتاين الهولندية.
هذا الاحتفاء يعكس تقدير الشارقة للجهود المبذولة في سبيل تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الأمن الغذائي، ويؤكد التزامها بتقديم الأفضل لمواطنيها والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. إن افتتاح مصنع مليحة للألبان ليس مجرد إنجاز اقتصادي، بل هو رسالة أمل وتفاؤل، تؤكد أن الشارقة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء الصحي، وأنها تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل مزدهر ومستدام.


