في خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية والكفاءة في النظام الضريبي لدولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت وزارة المالية عن تطبيق آلية الاحتساب العكسي لضريبة القيمة المضافة على تجارة الخردة المعدنية بين الشركات المسجلة. هذا القرار، رقم «153» لسنة 2025، والذي سيدخل حيز التنفيذ في 14 يناير 2026، يمثل تطوراً هاماً في جهود مكافحة التهرب الضريبي وتحسين الامتثال في هذا القطاع الحيوي. يرتكز هذا الإجراء على أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم «8» لسنة 2017 وتعديلاته، بالإضافة إلى قرار مجلس الوزراء رقم «52» لسنة 2017 بشأن اللائحة التنفيذية.
ما هي آلية الاحتساب العكسي لضريبة القيمة المضافة؟
آلية الاحتساب العكسي لضريبة القيمة المضافة تعني تحويل مسؤولية احتساب الضريبة من البائع (المورد) إلى المشتري (المستلم) في معاملات محددة. في قطاع الخردة المعدنية، هذا يعني أن الشركة التي تشتري الخردة المعدنية بغرض إعادة بيعها أو تحويلها إلى مواد خام قابلة للاستخدام في التصنيع، هي التي ستكون مسؤولة عن دفع ضريبة القيمة المضافة، وليس المورد الذي باعها.
هذه الآلية ليست جديدة تمامًا على مستوى العالم، ولكن تطبيقها في قطاع الخردة المعدنية في الإمارات يهدف إلى معالجة تحديات خاصة بهذا القطاع، والتي تشمل ارتفاع نسبة الاحتيال الضريبي.
دوافع تطبيق الآلية الجديدة
تأتي هذه الخطوة في سياق رؤية الدولة لتطوير منظومة مالية متكاملة، تعتمد على الشفافية والاستدامة، وتعزز الثقة في النظام الضريبي. تشمل الدوافع الرئيسية لتطبيق هذه الآلية:
- مكافحة الاحتيال الضريبي: قطاع الخردة المعدنية كان عرضة لممارسات احتيالية، مثل تضخيم الفواتير أو تقديم إقرارات ضريبية غير دقيقة.
- تعزيز كفاءة النظام الضريبي: من خلال نقل المسؤولية إلى الطرف الأكثر قدرة على التحقق من صحة المعاملة، يتم تحسين كفاءة تحصيل الضريبة.
- ضمان العدالة الضريبية: تطبيق الآلية يضمن أن يتحمل المسؤولية الضريبية الطرف الذي يستفيد بشكل مباشر من المعاملة.
- رفع مستويات الامتثال الطوعي: الشفافية المتزايدة والمساءلة المباشرة تشجع الشركات على الامتثال للقوانين الضريبية.
كيف ستعمل آلية الاحتساب العكسي في قطاع الخردة المعدنية؟
لتطبيق آلية الاحتساب العكسي لضريبة القيمة المضافة بنجاح، يتطلب الأمر التزامًا دقيقًا بالإجراءات من قبل كل من المورد والمستلم. إليك الخطوات الرئيسية:
- التصاريح الخطية: يجب على المستلم تقديم تصريح خطي إلى المورد يوضح أن الخردة المعدنية سيتم شراؤها لغرض إعادة البيع أو استخدامها في عمليات المعالجة والتحويل. يجب أن يتضمن التصريح أيضًا تأكيدًا بأن المستلم مسجل لدى الهيئة الاتحادية للضرائب.
- التحقق من التسجيل: يتعين على المورد استلام هذه التصاريح والتحقق من صحة تسجيل المستلم لدى الهيئة الاتحادية للضرائب.
- تضمين البيان في الفاتورة: يجب على المورد تضمين بيان صريح في الفاتورة يوضح أن آلية الاحتساب العكسي لضريبة القيمة المضافة قد تم تطبيقها على هذه المعاملة.
- مسؤولية المستلم: بمجرد استلام الخردة المعدنية، يصبح المستلم مسؤولاً عن احتساب ضريبة القيمة المضافة والوفاء بجميع الالتزامات الضريبية المتعلقة بها.
تأثير الآلية على الشركات العاملة في القطاع
من المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير كبير على الشركات العاملة في قطاع تجارة الخردة المعدنية. بالنسبة للمستلمين، قد يتطلب الأمر تحديث أنظمتهم المحاسبية والإدارية لضمان احتساب الضريبة بشكل صحيح وتقديم الإقرارات الضريبية في الوقت المحدد. أما بالنسبة للموردين، فسيتعين عليهم التأكد من استلام التصاريح اللازمة والتحقق من تسجيل المستلمين، مما قد يزيد من الأعباء الإدارية.
ومع ذلك، من الناحية الإيجابية، يمكن أن تساهم هذه الآلية في خلق بيئة عمل أكثر عدالة وشفافية، وتقليل المخاطر المرتبطة بالاحتيال الضريبي. كما يمكن أن تساعد في تحسين إدارة عمليات الاسترداد الضريبي في القطاع. الامتثال الضريبي سيكون مفتاح النجاح للجميع.
الاستعداد للتطبيق الجديد
نظراً لأن القرار سيدخل حيز التنفيذ في 14 يناير 2026، فإن الشركات العاملة في قطاع الخردة المعدنية لديها متسع من الوقت للاستعداد. تشمل الخطوات التي يمكن للشركات اتخاذها:
- مراجعة الإجراءات الداخلية: تقييم الإجراءات الحالية وتحديد التغييرات اللازمة للامتثال للآلية الجديدة.
- تدريب الموظفين: توفير التدريب اللازم للموظفين المسؤولين عن التعامل مع ضريبة القيمة المضافة.
- التواصل مع الموردين والعملاء: إبلاغ الموردين والعملاء بالتغييرات القادمة والتأكد من فهمهم لالتزاماتهم.
- الاستعانة بخبراء ضريبيين: طلب المشورة من خبراء ضريبيين متخصصين لضمان الامتثال الكامل للقوانين واللوائح.
الخلاصة
يمثل تطبيق آلية الاحتساب العكسي لضريبة القيمة المضافة على تجارة الخردة المعدنية خطوة مهمة نحو تعزيز النظام الضريبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. من خلال مكافحة الاحتيال الضريبي وتحسين الامتثال، تهدف هذه الآلية إلى خلق بيئة عمل أكثر عدالة وشفافية، ودعم النمو المستدام للاقتصاد الوطني. على الشركات العاملة في هذا القطاع اغتنام الفرصة للاستعداد لهذا التغيير، والعمل بشكل وثيق مع وزارة المالية والهيئة الاتحادية للضرائب لضمان الانتقال السلس والناجح. الاستفادة من الموارد المتاحة والالتزام بالإجراءات الجديدة سيضمن استمرار الأعمال بسلاسة وفعالية في ظل النظام الضريبي الجديد.



