قطاع الأغذية والمشروبات في الدول العربية يشهد نموًا ملحوظًا، حيث تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة الاستثمارات البينية في هذا القطاع الحيوي. وفقًا لتقرير صادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات “ضمان”، يمثل قطاع الأغذية والمشروبات محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل في المنطقة. هذا التقرير يسلط الضوء على أحدث التطورات والاتجاهات في هذا القطاع، ويقدم تحليلاً شاملاً للاستثمارات والمبيعات والتجارة الخارجية.
الإمارات تتصدر الاستثمار البيني في قطاع الأغذية والمشروبات
أكدت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات “ضمان” أن دولة الإمارات استحوذت على 45% من إجمالي عدد المشاريع البينية العربية في قطاع الأغذية والمشروبات، كما بلغت حصتها 58% من إجمالي التكلفة الاستثمارية لهذه المشاريع. يعكس هذا التفوق التزام الإمارات بتعزيز الأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل، بالإضافة إلى توفير بيئة استثمارية جاذبة.
خلال الفترة من يناير 2003 وحتى ديسمبر 2024، استقطب قطاع الأغذية والمشروبات في المنطقة العربية 516 مشروعًا أجنبيًا، بتكلفة استثمارية إجمالية تقارب 22 مليار دولار أمريكي. هذه المشاريع ساهمت في توفير حوالي 93 ألف فرصة عمل، مما يعزز النمو الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.
الدور المحوري لمصر والسعودية وقطر والمغرب
بالإضافة إلى الإمارات، لعبت كل من مصر والسعودية وقطر والمغرب دورًا هامًا في جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الأغذية والمشروبات. هذه الدول الخمس استقطبت معًا 421 مشروعًا أجنبيًا، تمثل 82% من إجمالي المشاريع، وبتكلفة استثمارية تجاوزت 17 مليار دولار، أي ما يعادل 79% من الإجمالي. كما وفرت هذه المشاريع حوالي 71 ألف وظيفة، تمثل 76% من إجمالي الوظائف الجديدة في القطاع.
الاستثمارات الأجنبية المباشرة والشركات الرائدة
الولايات المتحدة الأمريكية تصدرت قائمة الدول المستثمرة في قطاع الأغذية والمشروبات في المنطقة العربية خلال الـ 22 عامًا الماضية، حيث بلغ عدد مشاريعها 74 مشروعًا، تمثل 14% من الإجمالي، بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، أي 18% من إجمالي الاستثمارات. هذه المشاريع وفرت أكثر من 14 ألف وظيفة.
أما بالنسبة للشركات الأجنبية الرائدة، فقد استحوذت الشركات العشر الأولى على حوالي 15% من عدد المشاريع، و32% من التكلفة الاستثمارية، و29% من إجمالي الوظائف الجديدة. شركة “نستله” السويسرية تصدرت القائمة من حيث عدد المشاريع (14 مشروعًا)، بينما تصدرت شركة “نيبولون” الأوكرانية القائمة كأكبر مستثمر من حيث التكلفة الاستثمارية التقديرية، والتي بلغت ملياري دولار، ووفرت 6 آلاف وظيفة.
التوجهات المستقبلية لقطاع الأغذية والمشروبات
يتوقع التقرير ارتفاع مبيعات الأغذية والمشروبات غير الكحولية في المنطقة العربية (16 دولة) بمعدل 8.6% لتتجاوز 430 مليار دولار بنهاية عام 2025، وتمثل 4.2% من إجمالي المبيعات العالمية. ومن المتوقع أن تتجاوز هذه المبيعات 560 مليار دولار بحلول عام 2029.
تركز المبيعات والإنفاق الفردي
يظهر التقرير تركزًا جغرافيًا كبيرًا في مبيعات القطاع، حيث استحوذت مصر والسعودية والجزائر والإمارات والعراق على حوالي 77% من إجمالي المبيعات بنهاية عام 2025. كما ارتفع المتوسط السنوي لإنفاق الفرد على الأغذية والمشروبات غير الكحولية في المنطقة العربية بمعدل 7.2%، ليتجاوز 1845 دولارًا بنهاية عام 2025، وهو قريب من المتوسط العالمي البالغ 2048 دولارًا.
التجارة الخارجية العربية في قطاع الأغذية والمشروبات
شهدت التجارة الخارجية العربية في الأغذية والمشروبات غير الكحولية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث تجاوزت 195 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 15%. استحوذت خمس دول (الإمارات والسعودية ومصر والعراق والمغرب) على 70% من هذه التجارة. يعزى هذا الارتفاع إلى زيادة الصادرات العربية من الأغذية والمشروبات غير الكحولية بنحو 18% لتصل إلى حوالي 56 مليار دولار، وزيادة الواردات بنسبة 14% لتصل إلى حوالي 139 مليار دولار.
جاذبية الاستثمار والمخاطر المحتملة
فيما يتعلق بمخاطر وحوافز الاستثمار والأعمال في قطاع الأغذية والمشروبات في 14 دولة عربية، أظهرت تقييمات وكالة “فيتش” أن الإمارات والسعودية ومصر وقطر هي الأكثر جاذبية للاستثمار في هذا القطاع خلال عام 2024، تليها سلطنة عمان والبحرين والجزائر والمغرب والكويت.
في الختام، يظهر تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات “ضمان” أن قطاع الأغذية والمشروبات في الدول العربية يشهد نموًا واعدًا، مدفوعًا بالاستثمارات الأجنبية المباشرة والطلب المتزايد على المنتجات الغذائية والمشروبات. من المتوقع أن يستمر هذا النمو في السنوات القادمة، مما يعزز الأمن الغذائي ويساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة. لذا، يظل هذا القطاع وجهة استثمارية جذابة للشركات المحلية والأجنبية على حد سواء.


