تصاعدت التوترات في اليمن بشكل ملحوظ، حيث دعت المملكة العربية السعودية دولة الإمارات العربية المتحدة إلى سحب قواتها العسكرية من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي تقدمه لأي طرف يمني. يأتي هذا الإجراء في أعقاب اتهامات سعودية للإمارات بالضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لتنفيذ عمليات عسكرية في محافظتي حضرموت والمهرة، مما يهدد الأمن الوطني للمملكة واستقرار اليمن والمنطقة. هذه التطورات المتسارعة تضع مستقبل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن على المحك، وتثير تساؤلات حول مسار الحل السياسي للأزمة اليمنية.
البيان السعودي واتهامات للإمارات
أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا رسميًا الثلاثاء، أعربت فيه عن أسفها لما وصفته بـ “الضغط” الذي مارسته الإمارات على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي. وذكر البيان أن هذه الضغوط دفعت القوات المذكورة إلى القيام بتحركات عسكرية على الحدود الجنوبية للمملكة في محافظتي حضرموت والمهرة. واعتبرت السعودية هذه التحركات تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، بالإضافة إلى تهديدها للأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة بأسرها. وأشارت إلى أن هذه الخطوات لا تتوافق مع أهداف تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار الدائمين للبلاد.
“خط أحمر” وضربة محدودة في المكلا
شددت السعودية على أن أمنها القومي يمثل “خطًا أحمر” لا يمكن تجاوزه، وأنها لن تتردد في اتخاذ “كافة الخطوات والإجراءات اللازمة” لمواجهة أي تهديد أو مساس بهذا الأمن. وقد تجسد هذا الموقف على أرض الواقع بتحرك قوات التحالف بقيادة السعودية، حيث أعلنت عن تنفيذ “ضربة جوية محدودة” على أسلحة وعتاد تم تفريغها في ميناء المكلا، قادمة من ميناء الفجيرة في الإمارات. وأكد التحالف أن الضربة كانت دقيقة، ولم تتسبب في أي إصابات بشرية أو أضرار للبنية التحتية للميناء.
قرارات رئاسية يمنية وتصعيد الموقف
في سياق متصل، أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة 90 يومًا قابلة للتمديد، وفرض حظر جوي وبحري وبري على الموانئ والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء الحالات التي تتطلب إذنًا رسميًا من قيادة تحالف دعم الشرعية. كما أصدر العليمي قرارًا بـ “إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات”، ودعا جميع القوات الإماراتية إلى مغادرة الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة. هذه القرارات تمثل تصعيدًا كبيرًا في الموقف، وتعكس حالة من التوتر الشديد بين الطرفين.
التزام السعودية بأمن واستقرار اليمن
على الرغم من هذه التطورات، أكدت المملكة العربية السعودية التزامها الراسخ بأمن واستقرار اليمن وسيادته. وأعربت عن دعمها الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي وحكومته اليمنية. كما جددت السعودية تأكيدها على أن القضية الجنوبية لها أبعاد تاريخية واجتماعية، وأن الحل الوحيد لها يكمن في الحوار الشامل ضمن إطار الحل السياسي العام في اليمن، مع مشاركة جميع الأطراف اليمنية، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي. وتؤكد السعودية على أهمية الحوار اليمني – اليمني لضمان مستقبل مستقر للجميع.
دعوة إلى الحكمة والعودة إلى طاولة المفاوضات
تأمل المملكة العربية السعودية أن تسود الحكمة والاعتدال، وأن يتم تغليب مبادئ الأخوة وحسن الجوار والعلاقات الوثيقة التي تربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. كما تدعو الإمارات إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للحفاظ على العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيز التعاون المشترك من أجل تحقيق الرخاء والازدهار والاستقرار في المنطقة. إن استجابة دولة الإمارات العربية المتحدة لطلب اليمن بخروج قواتها العسكرية يمثل خطوة مهمة نحو تخفيف التوترات، وتهيئة الأجواء المناسبة لاستئناف الحوار السياسي.
المجلس الانتقالي الجنوبي والانسحاب من حضرموت والمهرة
في سياق القرارات الرئاسية اليمنية، تم تجديد الدعوة لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى تسريع انسحابها من محافظتي حضرموت والمهرة، وتسليم المواقع لقوات درع الوطن. ويأتي هذا الإجراء بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المحافظتين، ومنع أي تصعيد عسكري قد يهدد المنطقة. وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من جهود الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف العربي، لإعادة السيطرة على الأراضي اليمنية، وتحقيق السلام والاستقرار الدائمين.
مستقبل التحالف العربي والأزمة اليمنية
هذه التطورات تثير تساؤلات حول مستقبل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، ودور كل من السعودية والإمارات في هذا التحالف. من الواضح أن هناك خلافات عميقة بين الطرفين حول كيفية التعامل مع الأزمة اليمنية، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الجنوبية. إن حل هذه الخلافات، والعودة إلى العمل المشترك، أمر ضروري لتحقيق النجاح في جهود السلام والاستقرار في اليمن. الوضع في اليمن يتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي شامل يضمن حقوق جميع اليمنيين.
الخلاصة: إن الدعوة السعودية للإمارات بسحب قواتها من اليمن تمثل نقطة تحول في الأزمة اليمنية. يتطلب هذا الموقف الحذر والتعامل الدبلوماسي من جميع الأطراف المعنية، من أجل تجنب أي تصعيد عسكري قد يعقد الوضع أكثر. إن الحل يكمن في الحوار اليمني – اليمني، والتوصل إلى اتفاق سياسي شامل يضمن الأمن والاستقرار والازدهار لجميع اليمنيين. الأزمة اليمنية تحتاج إلى حلول مستدامة تضمن عدم تكرار الصراعات في المستقبل.


