تشهد الأزمة اليمنية تطورات متسارعة، أبرزها الخلاف الأخير بين قيادة قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن ووزارة الخارجية الإماراتية، على خلفية عملية عسكرية محدودة في ميناء المكلا بمحافظة حضرموت. هذا الخلاف، المتعلق بشحنة عسكرية، يثير تساؤلات حول التنسيق داخل التحالف وجهود تحقيق السلام في اليمن. وتأتي هذه الأحداث في وقت حرج، حيث تسعى الأمم المتحدة إلى إحياء المفاوضات اليمنية.

تفاصيل الخلاف حول العملية في ميناء المكلا

بدأت القضية بإعلان قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ “ضربة جوية محدودة” في ميناء المكلا، استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي. وأكد المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، اللواء الركن تركي المالكي، أن العملية جاءت بعد توثيق وصول السفن وتفريغها لشحنة تتضمن أكثر من 80 مركبة وعدد من الحاويات المحملة بالأسلحة والذخائر. ووفقاً لتصريحات المالكي، فقد دخلت السفينتان إلى الميناء بشكل غير قانوني، دون الحصول على تصريح من الحكومة اليمنية أو قيادة التحالف، وقامتا بإغلاق أجهزة التتبع الخاصة بهما.

إجراءات التحالف وخشية التصعيد

أوضح المتحدث العسكري أن قيادة التحالف أبلغت مسؤولين إماراتيين رفيعي المستوى بمنع خروج هذه الشحنة من ميناء المكلا، خشية توجيهها إلى مناطق الصراع وتأجيج الوضع. ومع ذلك، أشار إلى أن الجانب الإماراتي قام بنقل العربات والحاويات إلى قاعدة الريان، دون إخطار المملكة. وشدد على أن هذه التحركات تمثل “ممارسات تصعيدية غير مقبولة”، موضحاً أن قيادة التحالف كانت حريصة على عدم سقوط ضحايا أو الإضرار بالممتلكات العامة، وهو ما دفعها لتنفيذ عملية عسكرية محدودة بعد تطبيق قواعد الاشتباك.

وبالنظر إلى أهمية محافظة حضرموت، تعتبر هذه الأحداث بمثابة نقطة تحول في مسار الأزمة اليمنية. وتزداد الحاجة إلى حوار بناء وشفاف بين الأطراف المعنية للوصول إلى حلول مستدامة تضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.

رد وزارة الخارجية الإماراتية

في المقابل، أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بياناً قدمت فيه رواية مختلفة للأحداث. وأكدت أن الشحنة المشار إليها لم تتضمن أي أسلحة، وأن العربات التي تم إنزالها كانت مخصصة للاستخدام من قبل القوات الإماراتية العاملة في اليمن. واعتبرت الوزارة أن ما تم تداوله “لا يعكس حقيقة طبيعة الشحنة أو الغرض منها”، مشيرة إلى وجود “تنسيق عالي المستوى” بشأن هذه العربات بين الإمارات والسعودية، واتفاق على عدم خروجها من الميناء. وتفاجأت الوزارة باستهداف الشحنة في ميناء المكلا، معتبرة ذلك أمراً غير مبرر.

هذا التباين في الروايات يعكس تعقيدات المشهد اليمني، ويشير إلى وجود خلافات حول الأولويات والأهداف بين الأطراف المتحالفة. وبينما تسعى الرياض إلى الحفاظ على وحدة اليمن وسلامته الإقليمية، يبدو أن أبوظبي تركز بشكل أكبر على دعم قوات محلية معينة، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي.

تداعيات الخلاف وأهمية التنسيق

الخلاف حول ميناء المكلا يمثل تحدياً إضافياً لجهود السلام في اليمن. ويمكن أن يؤدي إلى زيادة التوتر بين الأطراف المعنية، وتقويض الثقة في عملية التحالف. لذلك، من الضروري إجراء حوار جاد بين السعودية والإمارات، بهدف تصفية الخلافات وتوحيد الجهود. يجب أن يكون الهدف الأساسي هو دعم الحل السياسي للأزمة اليمنية، وتخفيف المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على المجتمع الدولي الضغط على جميع الأطراف للامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي، ووقف التدخلات الخارجية التي تؤجج الصراع. كما يجب تكثيف الجهود الإنسانية لتقديم المساعدات اللازمة للمتضررين من الحرب.

إن الأزمة اليمنية تتطلب حلاً شاملاً ومستداماً، يعالج جذور المشكلة ويضمن حقوق جميع اليمنيين. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التنسيق والتعاون بين جميع الأطراف المعنية، ووضع مصلحة اليمن فوق كل اعتبار. يجب أن يكون التصعيد العسكري خياراً غير وارد، وأن يتم التركيز على الحوار والتفاوض.

وفي الختام، فإن الأحداث الأخيرة في ميناء المكلا تمثل تذكيرًا بأهمية التنسيق داخل التحالف والالتزام بالحلول السلمية للأزمة اليمنية. يجب على الأطراف المعنية العمل معًا لتهدئة الوضع وتجنب المزيد من التصعيد، وبما يخدم مصالح الشعب اليمني ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

شاركها.
Exit mobile version